فقالوا: يا أمير المؤمنين أنت أفضلنا رأيا وأعلمنا بأهلك، فقال: لأستعملن عليهم رجلا يكون لأول أسنة يلقاها، يا سائب اذهب بكتابي هذا إلى النعمان بن مقرن، فليسر بثلثي أهل الكوفة وليبعث إلى أهل البصرة، وأنت على ما أصابوا من غنيمة، ولا ترفع إلي باطلا، ولا تحبس عن أحد حظا هو له، فإن قتل النعمان فحذيفة فإن قتل حذيفة فجرير، فإن قتل ذلك الجيش فلا أراك.
فحدثنا موسى بن إسماعيل قال: نا حماد [75 و] بن سلمة قال: نا أبو عمران الجوني عن علقمة بن عبد الله المزني عن معقل بن يسار: أن عمر شاور الهرمزان في أصبهان وفارس وأذربيجان بأيتهن يبدأ؟ فقال الهرمزان: أصبهان الرأس، وفارس وأذربيجان الجناحان، فإن قطعت أحد الجناحين مال الرأس بالجناح الآخر، وإن قطعت الرأس وقع الجناحان، فدخل عمر المسجد فإذا هو بالنعمان بن مقرن يصلي فسرحه، وبعث إلى أهل الكوفة أن يمدوه فذهبوا ومعه حذيفة بن اليمان والزبير بن العوام والمغيرة بن شعبة والأشعث بن قيس وعمرو بن معد ي كرب وابن عمر حتى أتوا نهاوند.
رجع إلى حديث السائب قال: التقوا بنهاوند يوم الأربعاء، فكان في المجنبة اليمنى انكشاف، وثبتت المجنبة اليسرى وثبت الصف، ثم التقوا يوم الخميس فكان في المجنبة اليسرى انكشاف، وثبتت المجنبة اليمنى والنصف. ثم التقوا يوم الجمعة فأقبل النعمان بن مقرن على بريذين (1) أحوى قريب من الأرض يقف على أهل كل راية فيخطبهم ويحضهم ويقول: إن هؤلاء القوم قد أخطروا لكم خطرا وأخطر تم لهم خطرا عظيما، أخطروا لكم يواليق ورثة، وأخطرتم لهم الاسلام وذراريكم فلا أعرفن رجلا، وكل قرنه إلى غيره فإن ذلك لؤم، ولكن شغل كل رجل منكم قرنه. إني هاز الراية فليرم كل رجل منكم من ضيعته (2) وليتيسر.
ثم هازها الثانية فليقف كل رجل منكم موقفه. ثم هازها الثالثة فحامل فاحملوا