عمار إلى جرير بن عبد الله وهو بحلوان أن سر إلى أبي موسى، فسار جرير في ألف فأقاموا أشهرا. ثم كتب أبو موسى إلى عمر أنهم لم يغنوا عنك شيئا، فكتب عمر إلى عمار أن سر إلى تستر فسار، فأمده عمر من المدينة.
فحدثني علي بن عبد الله قال: حدثني قراد أبو نوح قال: حدثني عثمان بن معاوية القرشي عن أبيه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: أقاموا سنة أو نحوها، فجاء رجل من أهل تستر فقال لأبي موسى: أسألك أن تحقن دمي ودماء أهل بيتي وتخلي لنا أموالنا ومساكننا على أن أدلك على المدخل، قال: فذلك لك، قال:
فأبغني إنسانا سابحا ذا عقل يأتيك بأمر بين، فأرسل أبو موسى إلى مجزأة [72 ظ] ابن ثور السدوسي فقال: ابغني رجلا من قومك سابحا ذا عقل، فقال مجزأة:
اجعلني ذلك الرجل، فانطلق به فأدخله من مدخل الماء، مدخلا يضيق أحيانا حتى ينبطح على بطنه، ويتسع أحيانا فيمشي قائما ويحبو في بعض ذلك، حتى دخل المدينة.
وقد أمره أبو موسى أن يحفظ طريق الباب (1) وطريق السور ومنزل الهرمزان، وقال: لا تسبقني بأمر، فانطلق به العلج حتى أتى الهرمزان فهم بقتله، ثم ذكر قول أبي موسى لا تسبقني بأمر، فرجع إلى أبي موسى، فندب أبو موسى الناس معه، فانتدب ثلاث مائة ونيف، فأمرهم أن يلبس الرجل ثوبين لا يزيد عليهما وسيفه، ففعلوا. قال عبد الرحمن: فكبر ووقع الماء وكبر القوم ووقعوا. قال عبد الرحمن: كأنهم البط، فسبحوا حتى جاوزوا، ثم انطلق بهم إلى النقب الذي يدخل الماء منه، وكبر ثم دخل ومعه خمسة وثلاثون رجلا أو ستة وثلاثون رجلا.
فمضى بطائفة منهم إلى الباب فوضعهم عليه، ومضى بطائفة إلى السور، ومضى بمن بقي معه حتى صعد السور فانحدر عليه علج معه نيزك (2)، فطعن مجزأة فأثبته، وكبر المسلمون على السور وعلى الباب، وفتحوا الباب، و أقبل المسلمون حتى دخلوا المدينة وتحصن الهرمزان في قصبة له.
قال أبو الحسن: الذي سأل أبا موسى الأمان ويدلهم على المدخل سينبه.