هاديا مهديا، يأخذ بالناس إلى الطريق المستقيم والمهيع الحق.
فالغدير ألف هذا، والغدير يحدث حول ما قيل في هذا البحث، وكشف للناس أمورا كانوا غافلين عنها - وإن كانت في الكتب - وعن أنباء أصبحت نسيا منسيا، فأظهر صورها من كتاب الله - دامت قدسيته - وسنة نبيه الذي لا ينطق عن الهوى، وقول المحدثين والمفسرين، وكلام أهل السير والتاريخ، ونثر الأدباء وقصائد الشعراء.
ولم يكتف بما قيل سابقا من هذا، ولم يقنع بما سطرته أقلام القرون الأولى، حتى صال وجال وتوسع بتراجم الرجال، وامتد إلى كل بحث يمت بصلة ما إليه، وينسب بوشيجة مضارعة ومشابهة بوجه من الوجوه معه.
فهو موسوعة تذكر كلام المادح والقادح والمحكم والمتشابه، ثم يدحض كل حديث مفترى، وقول مشين، واعتقاد فاسد، ولفظ دخيل، وجملة نكراء، أريد بها إلصاق تهم باطلة، وآراء فاسدة بالمرتضى علي (عليه السلام)، وبوالده شيخ الأبطح أبي طالب، وأهله، وذويه، وأبنائه، وأحفاده، وذريته، وعترته، وأشياعه، وأتباعه الأموات والأحياء، ما هم براء منها، وبين ما للإمام علي (عليه السلام) من خصائص وما للأوصياء من مزايا وفضائل بكلام مسهب، وسياق رصين، وسباق متين.
هذا ما لمسته من " الغدير " حينما أرسل إلي بعض أجزائه العلامة محمد الحسين المظفر حفظه الله وأبقاه صاحب المؤلفات النافعة الدالة على رجحان عقله وقوة بيانه، والذي رأيت فيه فكر العلماء، وثقابة العرفاء، وأخلاق الخيار، وسمة الصلحاء الأبرار.
وهذا الذي جعلني أمرح وأسر حينما علمت بتجديد طبع أجزائه الأول لأنني على علم بنفادها، وعلى اطلاع انها تحوي أبحاثا جمة، وعلما وافرا، وأمورا كانت كأن لم تكن، ولكن بنشرها بالغدير عاد للعالم ما فاته، وللباحث ما يرجوه، وللمؤرخ ما يجهله، وللمفكر ما يستند عليه عقله، ويستنتجه من أسباب وأحوال.