أبعث إليكم رسالة بعجز مرسلها ناطقة، وبعفوكم وقبولكم عارفة، وبفيض فضلكم مغمورة، دمتم للمؤمنين ذخرا وللمسلمين فخرا، فأريج المسك يعبق من نفحات همتكم الفياضة بالعمل النافع، وديم الفضل تغدق من سماء مجدكم الشامخ بالعلم الوفير، وضياء بدر عزيمتكم يسطع من غرر أعمالكم الخالدة، وينير في جنبات العلم بأنوار تعاليمكم ونجوم مؤلفاتكم المتألقة في آفاق الدنيا المدلهمة، هي مما جاد به يراعكم وأفاض به فكركم، كللتم تاج العصر الحاضر بما أتحفتموه من درر بيانكم وجواهر كلامكم، لا سيما في " الغدير " الذي أروى الغليل وأشفى العليل، فإنه آيات تنزل من وحي الضمير الصادق على الصدر الرحيب، وبينات من الهدى والفرقان، مقتبسات من أحاديث النبي الأمين، ومستقاة من نهج بلاغة أمير المؤمنين، وإنه آيات تصك المسامع بالحجج، وتأخذ بالمسلمين إلى الصراط السوي، وهي بنفسها حصون منيعة لسور الإيمان، وأسلاك شائكة على حمى الولاية تمنع عنها العدوان وترد الأيدي الأثيمة، فكم للمسلمين من ثغر سددتموه بمدادكم وحرستموه بعيون مؤلفكم؟
فللغدير فصول من الثناء، وللمحاسبات التاريخية فيه أبواب من المدح سجلها لكم التاريخ بمداد البقاء على ألواح الخلود، وللردود بنود من الإطراء تتصل بالأجيال اتصال معقب لما يكتب أو يقال. وإنه لعمر الحق موسوعة جماعة كشمس ذات إشعاع متموج قرت فيها عيون، وأرمصت منها أخرى، أو هي كفواكه ذوات طعوم متنوعة وروائح شتى مما لذ وطاب، وإنها لآية الإبداع في العمل، ومعجزة الزمن الحاضر التي رفعت كلمة المستحيل من قاموس العاملين، والتي لا يحلم بها مسلم عامل ولا يفكر فيها مؤمن صفر الكف من وضر الدنيا والمساعدين، فأقدمتم والعزيمة تحفز همتكم والتصميم يوكلكم، فكانت كأحسن ما تكون موسوعة اشتركت في مواضيعها جمعية جزأتها حسب الاختصاص والكفاءات، وبرزت تبعث في القلوب بهجة وروعة، وترسل إلى الأرواح متعا وغذاء، وتوصل النفوس من كشف الغيوب إلى عالم الشهادة والسعادة، فحيا الله جدكم الذي لم يخر