وبعد: فإني أقدم لكم أطيب التهاني وأسناها على نجاحكم الباهر بإخراج كتاب (الغدير) مثلا رائعا للتأليف النزيه والتحليل الدقيق، وصورة ناطقة عن عبقرية المؤلف، وسعة اطلاعه، وكثرة تحقيقاته مما يقف لها المطالع إجلالا وإكبارا.
ويعلم الله أنني كلما أكرر مطالعتي له ازداد إعجابا بجهود المؤلف الجبارة في إخراج هذا الأثر النفيس.
وان القارئ ليستغرب أشد الاستغراب حينما يقلب صحائفه ويتعمق في مطالعته فهو - في أول نظرة - لا يعرف عن الكتاب إلا أنه مؤلف يبحث عن حديث الغدير كتابا وسنة وأدبا. ولكن سرعان ما تتغير نظرته للكتاب عندما يجول بين فصوله ومواضيعه، فلا يخرج منه إلا وهو قد حصل على قسط وافر من العلم والدين والأدب والأخلاق. وإذا به ليس في الغدير فحسب، بل هو موسوعة علمية كبرى، ودائرة معارف واسعة حافلة بالتحليل الدقيق، والاستنتاج الصحيح، والتحقيقات الثمينة حول يوم " الغدير " الخالد وغيره من الحقائق التي شاءت الظروف أن تخفيها عن الملأ والتي كانت ولا تزال خلف الستار لا تدركها الأبصار.
فهو - إذا - ليس في موضوع خاص، بل فيه كل ما يهم الأمة الإسلامية من إحياء تراثها القديم والإشادة بمجدها الغابر، وإعلاء كلمة الحق ونشر راية القرآن، والتنقيب عما سجل التاريخ لهذه الأمة من مفاخر ومآثر كان لها أطيب الأثر في تقدم الأمم وتهذيب العقول.
وحقا أنه كما قلت: كتاب علمي، فني، تاريخي، أدبي، أخلاقي، مبتكر في موضوعه، فريد في بابه، يبحث عن حديث الغدير كتابا وسنة وأدبا، ويتضمن تراجم أمة كبيرة من رجالات العلم والدين والأدب من الذين نظموا هذه الآثار من العلم وغيرهم.
وإني أزيد على ما تقول: بأنه خير كتاب أخرجته يد النجف الأشرف منذ حين من الدهر، مع كثرة ما أخرجته من المؤلفات الثمينة في مختلف المواضيع.
وإن القارئ ليجد نفسه - عند مطالعته - في حديقة زاهرة فيها من كل