لا يدرك الواصف المطري خصايصه * وإن يكن سابقا في كل ما وصفا لكن حداني إلى ذلك ثقتي بجميل لطفه، وكريم أخلاقه، وها أنا ذا أعالج يراعي بكل حيلة لعله يسعفني بحاجتي، وأكثر استمدادي من فكرتي، فلا أراده يغني عني ويعرب عما في خلدي - رغم شوقي إليه تجاه ذلك الحبر العلم الأوحد.
سيدي! لقد سبرت سفرك الكريم القيم - الذي كلما نجم منه جزء هفت إليه القلوب، وحنت إليه الأفئدة، وانشرحت له الصدور بشوق فادح ورغبة لا يدرك مداها فيتلقى بابتهاج وارتياح - فألفيته فذا في بابه في جودة السرد، ورصافة البيان، حسن السبك، بديع الموضوع، غزير العلم الناجع، رائع الأسلوب، فائق النظام، خاليا عن التعقيد والابهام، عليه رشاش الحق، ومظاهر الصدق، أعلامه قائمة، وآياته واضحة، ومعالمه لائحة، قوي الحجة، سديد المحجة، فهو للطائفة الحق برهان الحجاج، وسناد النضال، وسلم الرقي، ووسام التقدم، وصحيفة الشرف، جئت فيه بمحكم الآيات وقيم البينات، فشدت به في العالم الإسلامي حضارة لها المكانة والخلود ما دامت السماوات والأرض، تؤتي اكلها كل حين بإذن ربها، لله در يراعك الثبت درت حلوبته، ولله بلاءك في نزالك في ميادين الحق، ومناهج الرشاد، وسبل الدين الحنيف، فقد أوضحت الطريق المهيع، واستأصلت أصول الباطل، وقطعت جزازته، وأفضحت أحدوثة أهله، ووطئت صماخهم، وكذبت أنباءهم، ولا غرو من ذلك وأنت أنت، قطنت في الوادي المقدس، وعكفت على باب مدينة العلم علم الرسول الأسمى (صلى الله عليه وآله وسلم) تغدو إليه وتروح، وتستقي من منهل العلم الفضفاض النمير الذي تطفح به ضفتاه، ولا يترنق جانباه، ولا بدع ممن ضرب مراعف الخلق حتى قالوا: لا إله إلا الله، محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) رسول الله أن يربي في مدرسته الكبرى وكليته العالمية وجامعه الأزهر من يجاهد بيراعه وشيظ النفاق حتى يشهدوا بأن عليا أمير المؤمنين ولي الله، ولا عجب ممن كان يحامي عن حرم المسلمين أن ينصب في ثغور حصنه المنيع مرابطا يناضل أهل الباطل، ويقيظ لحبالهم وعصيهم التي يخيل إليهم من سحرهم أنها تسعى من يلقف