أعرض لديه بعد السلام عليه: أخذت كتاب " الغدير " الجزء الأول من الطبعة الثانية، وكانت الأولى بالتقدير بعد الطبعة الأولى في النجف الأشرف، وكنت أود أن أكتب حول هذا السفر الكريم كلمة تعرب عن مبلغ ارتياحي به، ومكانته عندي، ولكنما عاقتني عوارض حالت بيني وبين أمنيتي، أما الآن فقد آن أن أقدم كلمة مما لدي إلى تلك الحضرة معتذرا من التأخير.
تلقيت ذلك الكتاب القيم بيد الشوق والاعجاب، فرأيته والحق يقال ما خضت بحرا إلا وأخرجت منه أبهى اللؤلؤ والمرجان، ولا جلت في مضمار إلا ولك السبق والرهان، إن بحثت عن موضوع جئت بما هو الحق والصواب، وإن أفضت في مورد أرشدت إلى الحقيقة في كل باب.
كتاب " الغدير " جمع بين التتبع الوافي، والضبط والتثبت في النقل، وحسن النقد، وأصالة الرأي، وقل ما اجتمعت هذه الخلال في كتاب، وإن أضفت إليها خامسة وهي: جودة السرد وحسن البيان رأيته بين أترابه كأنه علم في رأسه نار.
كتاب " الغدير " دائرة معارف إسلامية تجد فيها أنواعا من الفضائل والمعارف مما خلت عنه زبر الأولين، ولا غرو فإن مؤلفه الإمام العلامة أحد مفاخر الطائفة، وحسنة من حسنات عاصمة العلم والدين " النجف الأشرف ".
النجف الأشرف، وما أدراك ما النجف الأشرف؟ مدرسة جامعة كبرى في دنيا الإسلام منذ ألف سنة تقريبا، لصاحبها وحامي حماها مولانا أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) باب مدينة العلم الإلهي، ومولانا المؤلف من أعلام متخرجيها. فلا بدع إن قلت: إن كتاب " الغدير " هو الرسالة النهائية التي يكتبها التلميذ عند انتهاء دراسته، أو أطروحة نال بها صاحبها الشهادة العالية بين خريجيها، وبالنظر إلى من أسست تحت عنايته هذه الكلية الكبرى عليه أفضل الصلاة والسلام، جعل المؤلف موضوع كتابه المقدس " حديث الغدير " على قائله والمقول فيه أزكى الصلوات والتسليمات ما كر الجديدان واختلف الملوان.
وفق الله مؤلفه وإيانا لخير الدارين وسعادة النشأتين والسلام عليه ورحمة الله وبركاته. قم المشرفة - السيد صدر الدين الصدر