فأخرج إلي الأكفان وإذا فيها برد حبر مسهم من نسيج اليمن وثلاثة أثواب مزرى (1) وعمامة، وإذا الحنوط في خريطة، وأخرج إلي الدارهم، فعدها مائة درهم ووزنها مائة درهم.
فقلت له: يا سيدي هب لي منها درهما أصوغه خاتما، قال: وكيف ذلك خذ ما عندي ما شئت، فقلت: أريد من هذه وألححت عليه وقبلت رأسه وعينية.
فأعطاني درهما شددته في منديلي وجعلته في كمي، فلما صرت إلى الخان فتحت زنفيلجة معي وجعلت المنديل في الزنفيلجة وفيه الدرهم مشدود، وجعلت كتبي ودفاتري فوقه وأقمت أياما، ثم جئت أطلب الدرهم، فإذا الصرة مصرورة بحالها ولا شئ فيها، فأخذني شبه الوسواس فصرت إلى باب العقيقي، فقلت لغلامه خير: أريد الدخول إلى الشيخ، فأدخلني إليه، فقال لي: مالك يا سيدي.
فقلت: الدرهم الذي أعطيتني إياه ما أصبته في الصرة، فدعى بزنفيلجة وأخرج الدراهم فإذا هي مائة درهم عددا ووزنا، ولم يكن معي أحد أتهمه، فسألته في رده إلي فأبى، ثم خرج إلى مصر وأخذ الضيعة، ثم مات قبله محمد بن إسماعيل بعشرة أيام كما قيل، ثم توفي رحمه الله وكفن في الأكفان التي وقعت إليه (2) انتهى.
والفاضل الشيخ عبد النبي اعترف بأن هذا الخبر يدل على علو مرتبة العقيقي وكمال اخلاصه وكونه من المؤمنين، لكنه قال: إنه شهادة لنفسه وفي طريقه ضعف.
ويمكن أن يقال: إن الشهادة للنفس غير مضرة بملاحظة الامارات والقرائن الخارجية المفيدة للظن المعتبر شرعا، ومنه ينجبر ضعف الراوي، كيف وحديثه حسن، مع أن اندراج الصدوق إياه في الباب المذكور دلالة على اعتماده عليه واستناده إليه، بل وصحته لديه، مضافا إلى أن لكل حق حقيقة ولكل صواب نورا،