وأما المعاملات فلم يتحقق فيها حقيقة المتشرعة، - كما هو ظاهر - مع أنه يكفي عدم الثبوت، والأصل بقاء المعنى على ما كان، وعدم النقل.
فظهر أن طريقة الاستدلال في العبادات مغايرة لطريقته في المعاملات، ومن لا يعرف الفرق بينهما ولا يميز يخرب في الفقه من أوله إلى آخره تخريبات كثيرة هذا حال الأحكام الشرعية، وموضوعاتها.
أما الاحكام الغير الشرعية وموضوعاتها فليست بتوقيفية، مثل الاحكام العادية، والعقلية والظنية، والمنطقية، وغير ذلك، إذ لا مانع من أن يقول هذا قبيح عندنا، أو في عادتنا، أو عندي مثلا، بعد أن لا يكون كذبا، وإن لم يكن قبيحا عند غيره أو في عادة غيره.
ولا مانع أيضا من متابعتها، والعمل بها ما لم يجعلها داخلة في الشرع، وما لم يرد عن العمل بها مانع من الشرع، لان الأصل عندنا براءة الذمة، كما ستعرف، بل مدار العالم في أمور المعاش على ذلك، بل و لا مانع من أن يجعل أحد أمرا وسيلة لنجاته بحسب استحسان عقله، بعد أن لا يدخله في الدين، ولا يدل على منعه مانع من الشرع.