لا بد من أن يكون بالماء، وأن يكون غسالته غير متغيرة - وغير ذلك، مما ثبت منه نجعله شرائط الصحة بعد ما ثبت، ولو لم يثبت نقتصر على اللغة والعرف ولا نتعداهما أصلا، كما هو الشأن في كل موضع من مواضع المعاملات.
وكذلك يجعل القاضي قول الشارع: - اغتسل من الجنابة، وصل، و أذن، وغير ذلك - بأنه يحمله على الغسل العرفي واللغوي، والصلاة على مجرد الدعاء، والاذان على مجرد الاعلام، إلى غير ذلك: حتى يثبت شرائط الصحة، فما لم يثبت فالأصل عدمه، وفساده في مثل الصلاة والاذان في غاية الوضوح.
وأما في مثل غسل الجنابة، فكذلك أيضا على القول بثبوت الحقيقة الشرعية.
وأما على القول بعدمه، فبعد وجود القرينة الصارفة عن المعنى اللغوي، وإرادة المعنى الشرعي، نحمله على المعنى الجديد الشرعي، لان نزاعهم ليس إلا أنه حقيقة في اصطلاح الشارع، أو مجاز، وكيف كان فهو معنى جديد مغاير للمعنى اللغوي ثبت لنا من استقرأ كلام الشارع، ولا يخفى على المطلع وسيجئ ما يفصل ذلك.
والحاصل أن الحقيقة المتشرعة في المعنى المستحدث من الشرع المعلوم إجمالا يقينية وإجماعية، وأمارات الحقيقة مثل التبادر، و عدم صحة السلب، وغيرهما متحققة فيها، ولا شك في أنه معنى مغاير للغوي والعرفي، سواء كان حقيقة شرعية، أم لا، ويفهم من مجرد اللفظ، أو بانضمام القرينة.