والاجماع واقع أيضا على ذلك من الشيعة، كما نقلوه، والخلاف من أهل السنة، بل معظم أهل السنة على جواز التقليد، ووافقهم شاذ من متأخري الشيعة.
مع أن الخطأ غير مأمون على الظنون، فكيف يصح الابتناء عليها فيها؟ مع أن الخطأ فيها يوجب الخلود في النار والقتل والأسر والبيع و التملك وأمثال ذلك في هذه الدار. مع أن الكفار حصل لهم الظن، بل ربما يكون أقوى مما حصل للمسلمين.
واشتراط مطابقة ظنهم للواقع غلط واضح، لأنه إن أريد أنه لا بد من أن يحصل لهم العلم بالمطابقة، فهذا ينافي كونه ظنا، وإن أريد الظن بذلك، فالظن كان حاصلا لهم، وإن أريد بحسب نفس الامر، لا أنه يحصل لهم العلم أو الظن بذلك، فهذا تكليف بما لا يطاق، وإن أراد أن المعتبر في تحقق الايمان هو تحقق المطابقة، فإن تحققت يكن مؤمنا، وإلا لا يمكن مؤمنا، فهذا تصريح بعدم جواز الاكتفاء بالتقليد، وعدم اعتبار التقليد، وأن اللازم تحصيل الجزم بالمطابقة.
وبالجملة عدم جواز التقليد دليله في غاية المتانة والوضوح، كما عرفت مما ذكر هنا، وما ذكرنا في الفوائد.
ومن هذا يظهر عدم جواز الاعتماد على الظن في أصول الدين من غير جهة التقليد أيضا. فما يعرف من بعض العلماء - من أن الاعتماد على أخبار الآحاد أو ظواهر الآيات، ومن جماعة من الصوفية من الاستناد إلى التخمينيات والخيالات والشعريات - ظاهر الفساد، بل غالب المفاسد في