الجليل المحقق صاحب (الحدائق الناضرة) رحمه الله.
وقد استمر هذا الصراع قائما خلال هذه الفترة في حواضر الفقه الإمامي.
أثر العامل السياسي في الصراع بين المدرستين:
ولا نستبعد أن يكون للعامل السياسي دور في تعميق هذا الصراع و توسعته، فقد كان ملوك الصفوية يوم ذاك يحكمون إيران و العراق. وهما بلدان معروفان بالولا لأهل البيت عليهم السلام، وكانوا يتقربون إلى الفقهاء، ويقربونهم، ويضعونهم في مواضع حساسة من الدولة. ويدعمون حكمهم بتأييد ودعم الفقهاء، وقد استضافوا خلال هذه الفترة جمعا غفيرا من العلماء من جبل عامل و العراق والبحرين.
ولكن الذي يتتبع سير الأمور في العاصمة الصفوية في ذلك الوقت يجد أن ملوك الصفوية رغم حاجتهم إلى العلماء، ورغم اهتمامهم بهجرة الفقهاء إلى عاصمة ملكهم كانوا يراقبون اتساع دائرة نفوذ العلماء في أجهزة الحكم وفيما بين الناس بقلق... وقد كان ذلك يؤدي بهم أحيانا إلى طلب الهجرة العكسية من بعض الفقهاء من أصفهان إلى العراق، كما حدث ذلك للمحقق الكركي رحمه الله. فقد كانوا يجدون في اتساع دائرة نفوذ العلماء ما يزاحم نفوذهم وسلطانهم و شعبيتهم. ولنا أدلة وشواهد عديدة على ذلك لسنا الان بصدد استعراضها ودراستها.
وعلى ذلك فلا نستبعد أن يكون لملوك الصفوية دور في اتساع رقعة الخلاف وتعميقها بين المدرستين الشيعيتين في الاجتهاد (الأخبارية والأصولية).