بخلافه، ويظهر عنده أن حكم الله تعالى خلاف ذلك، بل ربما يحصل له القطع بأنه ليس حكم الله تعالى، فكيف يكون ما حصل له بدارا حجة له؟ مع تمكنه من معرفة كونه حكم الله، أو عدم كونه حكم الله، أو أن الظاهر أنه ليس حكم الله، بل الأدلة تقتضي عدم كونه حجة، كما أن الحال في سائر العلوم والصنائع المحتاج إليها كذلك، لان ما دل على عدم الحجية في العلوم والصنائع، بل والمنع عن العمل به شامل لما نحن فيه، بل ما نحن فيه كذلك بطريق أولى - كما لا يخفى - وظهر وجهه أيضا.
وأيضا لو تم ما ذكره لزم حجية ظن كل عامي جاهل، أو امرأة، أو صبي، لاشتراك الدليل والمانع. والظاهر أنه لا يقول بحجية ظنون هؤلاء.
وأيضا قد عرفت - من (الفائدة الثامنة) - جواز التقليد وصحته عموما، خرج المجتهد بالاجماع والأدلة المذكورة، وأن ظنه أقوى في نظره من ظن تقليد غيره، بخلاف كل ظان فإن الامر فيه بالعكس، إذ لا شك في أن الظن الحاصل من تقليد العارف الماهر المراعي جميع ما له دخل في المتانة، والمستفرغ وسعه في ذلك أقوى من ظن من لم يكن كذلك، ولم يراع مطلقا، كما هو الحال في العلوم، و الصنائع، لكن درك ما ذكرنا موقوف على الانصاف والتخلية الكاملين.
وبالجملة: هؤلاء يراعون في كل علم، بل وفي كل أمر من الأمور أن المرجع قول المجتهد في ذلك العلم وذلك الامر، والتقليد لهم - لا أن كل ظن حصل يكون حجة - سوى الفقه، مع أن الخطر فيه أعظم بمراتب، والاضلال فيه أكثر بمراتب شتى.