العقلاء نحو الاخذ بظهور كلام المتكلم وعدم ردعها عنه، فإن ذلك يدل على أنها تقر هذه الطريقة في فهم الكلام وتوافق على اعتبار الظهور حجة وقاعدة لتفسير ألفاظ الكتاب والسنة، والا لمنعت الشريعة عن الانسياق مع ذلك الميل العام وردعت عنه في نطاقها الشرعي.
والاستدلال بالسيرة العقلائية يقوم على أساس تجميع القرائن كما رأينا سابقا في سيرة المتشرعة أيضا لأننا إذا حللنا السيرة العقلائية إلى مفرداتها وجدنا أن الميل العام عند العقلاء نحو سلوك معين كالأخذ بالظهور مثلا يعبر عن ميول متشابهة عند عدد كثير من الافراد تشكل بمجموعها ميلا عاما، وحين نأخذ فردا من أولئك الافراد الذين يميلون إلى الاخذ بالظهور مثلا ونلاحظ؟ سكوت المولى عنه وعدم ردعه له عن الجري وفق ميله، يمكننا أن نعتبر سكوت المولى هذه قرينة ناقصة على حجية الظهور عند المولى، لان من المحتمل أن يكون هذا السكوت نتيجة لرضا المولى وموافقته، وهذا يعني الحجية. ومن المحتمل في نفس الوقت أيضا أن لا يكون السكوت ناتجا عن رضا المولى بالأخذ بالظهور وإنما سكت عن ذلك الفرد بالرغم من أنه لا يقر العمل بالظهور بالأدلة الشرعية لسبب خاص نظير أن يكون المولى قد اطلع على أن هذا الفرد لا يرتدع عن العمل على وفق ميله ولو ردعه فتركه وشأنه، أو أن المولى قد اطلع على أن هذا الفرد سوف لن يجري على وفق ميله ولن يأخذ بالظهور في الدليل الشرعي دون سؤال من الشارع، أو أن هذا الفرد لن يصادفه ظهور في النطاق الشرعي ليحاول الاخذ به وفقا لميله.. إلى غير ذلك من الأمور التي يمكن أن تفسر سكوت المولى عن ذلك الفرد وتجعل منه قرينة ناقصة لا كاملة على رضا المولى، ولكن إذا أضيف إلى ذلك فرد آخر له نفس الميل وسكت عنه المولى فيقوى احتمال الرضا لاجتماع قرينتين، وهكذا يكبر هذا الاحتمال حتى يؤدي إلى العلم حين يوجد ميل عام ويسكت عنه المولى