إلا أن هذا الكلام لا يجري في ألفاظ المعاملات، لأن معانيها غير مستحدثة، والشارع بالنسبة إليها كواحد من أهل العرف، فإذا استعمل أحد ألفاظها فيحمل لفظه على معناه الظاهر فيه عندهم، إلا إذا نصب قرينة على خلافه.
فإذا شككنا في اعتبار شئ عند الشارع في صحة البيع - مثلا - ولم ينصب قرينة على ذلك في كلامه، فإنه يصح التمسك بإطلاقه لدفع هذا الاحتمال، حتى لو قلنا بأن ألفاظ المعاملات موضوعة للصحيح، لأن المراد من " الصحيح " هو الصحيح عند العرف العام، لا عند الشارع. فإذا اعتبر الشارع قيدا زائدا على ما يعتبره العرف كان ذلك قيدا زائدا على أصل معنى اللفظ، فلا يكون دخيلا في صدق عنوان المعاملة - الموضوعة حسب الفرض للصحيح - على المصداق المجرد عن القيد. وحالها في ذلك حال ألفاظ العبادات لو كانت موضوعة للأعم.
نعم، إذا احتمل أن هذا القيد دخيل في صحة المعاملة عند أهل العرف أنفسهم أيضا، فلا يصح التمسك بالإطلاق لدفع هذا الاحتمال بناء على القول بالصحيح - كما هو شأن ألفاظ العبادات - لأن الشك يرجع إلى الشك في صدق عنوان المعاملة. وأما على القول بالأعم، فيصح التمسك بالإطلاق لدفع الاحتمال.
فتظهر ثمرة النزاع - على هذا - في ألفاظ المعاملات أيضا، ولكنها ثمرة نادرة.
* * *