والثاني مجرى قاعدة التخيير.
وما ذكرنا هو المختار في مجاري الأصول الأربعة.
وهو تنظيم جديد وجيد، وقائم على أساس علمي متين.
وعلى هذا الأساس استقر علماء الأصول في تنظيم أبحاث الأصول منذ عهد الشيخ الأنصاري إلى اليوم الحاضر.
وهذا التمييز بين الأدلة الاجتهادية والفقاهتية، وتبويب الأدلة على أساس منها مما يختص به فقهاء الإمامية المعاصرون منذ عصر الشيخ الأنصاري إلى الوقت الحاضر، وعندما نرجع إلى كتب الأصول للمذاهب السنية - المعاصرة منها والقديمة - لا نجد مثل هذا التفكيك، ونرى أنهم يذكرون هذه الأدلة في عرض واحد.
فالكتاب والسنة والإجماع يذكر في عرض القياس والاستحسان، وهما في عرض الاستصحاب والبراءة.
ملاحظات عامة على منهج الشيخ الأنصاري (رحمه الله):
نشير هنا على نحو الاختصار إلى ملاحظتين تخصان منهج الشيخ الأنصاري ثم نعقبه بعد ذلك، بملاحظة تعم المنهج الأول والثاني وهما نهج الشيخ الأنصاري وصاحب الكفاية.
أما التي تخص منهج الشيخ فهي:
أولا تداخل الأقسام الثلاثة التي يقسم الشيخ (رحمه الله) بموجبها كتابه (فرائد الأصول)... فإن المقصود بالظن لا محالة: الأعم من الشخصي والنوعي، ضرورة إن الأمارات لا تورث الظن الشخصي دائما، والمقصود بظنية الأمارات الأعم من الظن الشخصي والنوعي، لأ نهى، نوعا، ولدى غالب الناس توجب الظن دائما...
وعليه فإن الأمارات تدخل في باب الشك والظن معا، في بعض الأحيان، بالاعتبار الشخصي والنوعي.