والذي يظهر من الشيخ صاحب الكفاية: أنه لا ينبغي من الآمر أكثر من النحو الثاني، نظرا إلى أنه إذا كان بصدد بيان موضوع حكمه حقيقة كفاه ذلك لتحصيل مطلوبه وهو الامتثال، ولا يجب عليه مع ذلك بيان أنه تمام الموضوع.
نعم، إذا كان هناك قدر متيقن في مقام المحاورة وكان تمام الموضوع هو المطلق، فقد يظن المكلف أن القدر المتيقن هو تمام الموضوع وأن المولى أطلق كلامه اعتمادا على وجوده، فإن المولى دفعا لهذا الوهم يجب عليه أن يبين أن المطلق هو تمام موضوعه، وإلا كان مخلا بغرضه.
ومن هذا ينتج: أنه إذا كان هناك قدر متيقن في مقام المحاورة وأطلق المولى ولم يبين أنه تمام الموضوع، فإنه يعرف منه أن موضوعه هو القدر المتيقن.
هذا خلاصة ما ذهب إليه في الكفاية مع تحقيقه وتوضيحه. ولكن شيخنا النائيني (رحمه الله) - على ما يظهر من التقريرات - لم يرتضه (1).
والأقرب إلى الصحة ما في الكفاية. ولا نطيل بذكر هذه المناقشة والجواب عنها.
الانصراف:
التنبيه الثاني: اشتهر أن انصراف الذهن من اللفظ إلى بعض مصاديق معناه أو بعض أصنافه يمنع من التمسك بالإطلاق، وإن تمت مقدمات الحكمة، مثل انصراف المسح في آيتي التيمم والوضوء إلى المسح باليد وبباطنها خاصة.
والحق أن يقال: إن انصراف الذهن إن كان ناشئا من ظهور اللفظ في المقيد بمعنى أن نفس اللفظ ينصرف منه المقيد لكثرة استعماله فيه وشيوع