مثال ذلك: دلالة الآيتين على أقل الحمل، وهما آية * (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) * (1) وآية * (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) * (2) فإنه بطرح الحولين من ثلاثين شهرا يكون الباقي ستة أشهر فيعرف أنه أقل الحمل.
ومن هذا الباب دلالة وجوب الشئ على وجوب مقدمته، لأ أنه لازم لوجوب ذي المقدمة باللزوم البين بالمعنى الأعم. ولذلك جعلوا وجوب المقدمة وجوبا تبعيا لا أصليا، لأ أنه ليس مدلولا للكلام بالقصد، وإنما يفهم بالتبع، أي بدلالة الإشارة.
الجهة الثانية حجية هذه الدلالات أما دلالة " الاقتضاء " و " التنبيه " فلا شك في حجيتهما إذا كانت هناك دلالة وظهور، لأ أنه من باب حجية الظواهر. ولا كلام في ذلك.
وأما دلالة " الإشارة " فحجيتها من باب حجية الظواهر محل نظر وشك، لأن تسميتها بالدلالة من باب المسامحة، إذ المفروض أنها غير مقصودة والدلالة تابعة للإرادة. وحقها أن تسمى " إشارة " و " إشعارا " فقط بغير لفظ " الدلالة " فليست هي من الظواهر في شئ حتى تكون حجة من هذه الجهة.
نعم، هي حجة من باب الملازمة العقلية حيث تكون ملازمة، فيستكشف منها لازمها سواء كان حكما أم غير حكم، كالأخذ بلوازم إقرار المقر وإن لم يكن قاصدا لها أو كان منكرا للملازمة. وسيأتي في محله في باب الملازمات العقلية إن شاء الله تعالى.