أو معنى مفرد ليس مذكورا في المنطوق صريحا، أو إذا دل الكلام على مفاد جملة لازمة للمنطوق، إلا أن اللزوم ليس على نحو اللزوم البين بالمعنى الأخص، فإن هذه كلها لا تسمى مفهوما ولا منطوقا. إذا ماذا تسمى هذه الدلالة في هذه المقامات؟
نقول: الأنسب أن نسمي مثل هذه الدلالة - على وجه العموم - " الدلالة السياقية " - كما ربما يجري هذا التعبير في لسان جملة من الأساطين - لتكون في مقابل الدلالة المفهومية والمنطوقية.
والمقصود بها - على هذا - أن سياق الكلام يدل على المعنى المفرد أو المركب أو اللفظ المقدر. وقسموها إلى الدلالات الثلاث المذكورة:
الاقتضاء، والتنبيه، والإشارة. فلنبحث عنها واحدة واحدة:
- 1 - دلالة الاقتضاء وهي أن تكون الدلالة مقصودة للمتكلم بحسب العرف ويتوقف صدق الكلام أو صحته عقلا أو شرعا أو لغة أو عادة عليها.
مثالها قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا ضرر ولا ضرار في الإسلام " (1) فإن صدق الكلام يتوقف على تقدير " الأحكام والآثار الشرعية " لتكون هي المنفية حقيقة، لوجود الضرر والضرار قطعا عند المسلمين. فيكون النفي للضرر باعتبار نفي آثاره الشرعية وأحكامه. ومثله: " رفع عن أمتي مالا يعلمون وما اضطروا إليه... " (2).