فعلى القول بظهور الجملة في رجوع القيد إلى الهيئة - أي أنه شرط للوجوب - يكون الواجب واجبا مشروطا، فلا يجب تحصيل شئ من المقدمات قبل حصول الشرط. وعلى القول بظهورها في رجوع القيد إلى المادة - أي أنه شرط للواجب - يكون الواجب واجبا مطلقا (1) فيكون الوجوب (2) فعليا قبل حصول الشرط، فيجب عليه تحصيل مقدمات المأمور به إذا علم بحصول الشرط فيما بعد.
وهذا النزاع هو النزاع المعروف بين المتأخرين في رجوع القيد في الجملة الشرطية إلى الهيئة أو المادة. وسيجئ تحقيق الحال في موضعه (3) إن شاء الله تعالى.
- 3 - الأصلي والتبعي الواجب الأصلي: ما قصدت إفادة وجوبه مستقلا بالكلام، كوجوبي الصلاة والوضوء المستفادين من قوله تعالى: * (وأقيموا الصلاة) * (4) وقوله تعالى: * (فاغسلوا وجوهكم) * (5).
والواجب التبعي: مالم تقصد إفادة وجوبه، بل كان [وجوبه] (6) من توابع ما قصدت إفادته. وهذا كوجوب المشي إلى السوق المفهوم من أمر المولى بوجوب شراء اللحم من السوق، فإن المشي إليها حينئذ يكون واجبا لكنه لم يكن مقصودا بالإفادة من الكلام. كما في كل دلالة التزامية فيما لم يكن اللزوم فيها من قبيل البين بالمعنى الأخص.