الذي دل عليه اللفظ، بأن يكون مستعملا على سبيل الاستخدام، فيراد منه البعض، والعام يبقى على دلالته على العموم، فأي المخالفتين أولى؟ وقع الخلاف على أقوال ثلاثة:
الأول: أن أصالة العموم هي المقدمة (1) فيلتزم بالمخالفة الثانية.
الثاني: أن أصالة عدم الاستخدام هي المقدمة (2) فيلتزم بالمخالفة الأولى.
الثالث: عدم جريان الأصلين معا (3) والرجوع إلى الأصول العملية.
أما عدم جريان أصالة العموم، فلوجود ما يصلح أن يكون قرينة في الكلام وهو عود الضمير على البعض، فلا ينعقد ظهور العام في العموم.
وأما أن أصالة عدم الاستخدام لا تجري، فلان الأصول اللفظية يشترط في جريانها - كما سبق أول الكتاب - أن يكون الشك في مراد المتكلم، فلو كان المراد معلوما - كما في المقام - وكان الشك في كيفية الاستعمال، فلا تجري قطعا.
والحق أن أصالة العموم جارية ولا مانع منها، لأ نا ننكر أن يكون عود الضمير إلى بعض أفراد العام موجبا لصرف ظهور العموم، إذ لا يلزم من تعين البعض من جهة مرجعية الضمير بقرينة أن يتعين إرادة البعض من جهة حكم العام الثابت له بنفسه، لأن الحكم في الجملة المشتملة على الضمير غير الحكم في الجملة المشتملة على العام، ولا علاقة بينهما، فلا يكون عود الضمير على بعض العام من القرائن التي تصرف ظهوره