ومن البين أن الغرض من تدوين الشئ خارج عن مفهومه، فهو ليس بداخل في مدلول " أصول الفقه " بهذا المفهوم، وهو من حيث هو هذا المفهوم لا اختصاص له بالفقه لعدم انحصار الابتناء على هذا العلم بحسب الواقع فيه، لجواز ابتناء أشياء أخر عليه أيضا، كالمطالب الكلامية - مثلا - إذا بنى على استفادتها من الكتاب والسنة وغيرها من الأدلة التي وجه الابتناء على هذا العلم إفادته فهمها ومعرفة كيفية الاستنباط منها، وحينئذ فكما أن " الفقه " يبتنى على هذا العلم فكذلك يبتنى عليه علم الكلام أيضا على التقدير المذكور.
ويقوى هذا الكلام بعد ملاحظة أن العبرة في صدق المفهوم والكلي المعتبرين في مقام التعريف بقابلية الصدق على الكثرة، وقضية ذلك عدم صدق التعريف بهذا اللفظ بناء على الأخذ بالاختصاص المستفاد من الإضافة على هذا العلم رأسا، إذ يصير المعنى حينئذ المبتنى عليه " الفقه " ابتناء مختصا به ولا يتعداه إلى غيره، وهذا كما ترى مما لا مصداق له وعلى تقدير تحقق مصداق له فهذا العلم ليس منه كما عرفت.
وثانيا: منع اختصاص الجهة المختصة المستفاد اختصاصها من الإضافة، وهو وصف الابتناء عليه بهذا العلم، لمشاركة غيره له في هذا الوصف ولو مع ملاحظة الاختصاص، كعلم الرجال بل هو أشد اختصاصا بعلم " الفقه " من هذا العلم كما يظهر بالتأمل فيما ذكرناه ومعه لا طرد للتعريف.
ولك أن تقول: بانتفاء الطرد أيضا بالقياس إلى ما ليس من مسائل هذا العلم من مبادئه اللغوية والأحكامية، ضرورة أن ليس الغرض من جمعها وضبطها في هذا العلم إلا التوصل إلى الفقه والاستنباط، بل لا طرد أيضا بالقياس إلى " أدلة الفقه " فإنها أيضا من حيث وصف الدليلية مختصة " بالفقه " مع كونها مما يبتنى عليه " الفقه " بل اختصاص المسائل الأصولية الباحثة عن أحوال الأدلة ليس بأشد من اختصاص نفس الأدلة به التي هي موضوعات هذه المسائل كما لا يخفى.
وما يتكلف في دفع النقض باعتبار علم الرجال من اعتبار العهد في الإضافة