للحيوان المفترس والأرنب، كان كل بالقياس إلى معنييه مشتركا، وهما بالقياس إلى الحيوان المفترس من المترادفة، وبالقياس إلى الثعلب والأرنب من المتبائنة، ويجوز فيهما فرض الحقيقة والمجاز والنقل والارتجال باعتبارات مختلفة، كما لا يخفى.
[45] قوله: (وإن اختص الوضع بأحدهما، ثم استعمل في الباقي من غير أن يغلب فيه... الخ) إيراد التثنية اكتفاء بأقل مراتب التعدد، لا قصر لأقسام متكثر المعنى على ما لو اختص تعدد معناه بين معنيين لا أزيد، فيندرج فيه ما لو اختص الوضع بأكثر من معنى، كما يندرج فيه ما لو كان الباقي المفروض انتفاء الوضع عنه أكثر من معنى.
والظاهر بملاحظة ما سبق كون المراد بالوضع المفروض اختصاصه بأحدهما هو الوضع المتقدم ذكره، وهو الوضع الواحد بالمعنى المتقدم، واختصاص الوضع بهذا المعنى بأحد المعنيين قد يكون لاختصاص أصل الوضع الذي يلحقه وصف الوحدة، وقد يكون لاختصاص وحدته التي هي وصف فيه، فالباقي المنتفى عنه هذا الوضع بمقتضى مفهوم الاختصاص المنحل إلى عقدين إيجابي وسلبي قد يكون مما انتفى عنه أصل الوضع، كما إذا كان معنى مجازيا وقد يكون مما انتفى عنه الوصف المذكور، كما إذا كان معنى نقليا أو ارتجاليا على بعض الوجوه.
ولما كان العقد السلبي المستفاد من الاختصاص متضمنا لجميع هذه الأقسام فأخذ المصنف بتقسيم موضوعه إليها على التفصيل بقوله: " ثم استعمل في الباقي من غير أن يغلب فيه " فإن ذلك بيان تفصيلي لما انتفى عن الباقي أصل الوضع، بناء على أن المراد بالغلبة فيه هو غلبة اللفظ على المعنى، بعود ضمير " يغلب " إلى اللفظ دون الاستعمال كما هو الظاهر بملاحظة السياق، وبقرينة ما في العبارة الآتية من إظهار الاستعمال في قوله: " وكان الاستعمال لمناسبة " إذ لو كان ضمير الجملة المتقدمة عليه عائدا إلى الاستعمال كان ما ذكر محلا للإضمار كما لا يخفى، فالعدول عنه إلى الإظهار يقضي بمغايرة ما أضمر في الجملة المتقدمة، ولا يصلح له إلا ما يعود إلى اللفظ.