- تعليقة - اختلفوا في كون الألفاظ بأسرها موضوعة للأمور الخارجية أو للصور الذهنية، على ما هو المعروف من قدماء الأصوليين من انحصار الخلاف بحسب أصل وضع المسألة في قولين، عزي أولهما إلى بعض الناس، وربما يعزى إلى السيوطي في المزهر، وحكي نسبته أيضا إلى السبكي وأبي إسحاق الشيرازي وابن مالك، ويظهر الميل إليه من العلامة في النهاية، وربما كان عبارته صريحة في اختياره وثانيهما إلى جماعة، ولذا ترى أن أساطين المتعرضين للمسألة كالعلامة في التهذيب والنهاية وشارح التهذيب في المنية وغيرهما لم يذكروا ما عداهما، وهو المستفاد من أدلة الطرفين، لظهورها في دوران المعاني بالقياس إلى الألفاظ الموضوعة بين كونها خارجية أو ذهنية من دون واسطة، وهو الذي يساعد عليه النظر بملاحظة ما سنقرره من تفسير الأمور الخارجية والصور الذهنية.
وقضية ذلك كون ما عداهما مما حدث من المتأخرين، كما نص عليه غير واحد أيضا، فمن جملة ذلك ما نسب إلى محققي المتأخرين من كونها موضوعة للمعاني الواقعية المعبر عنها بالماهيات من حيث هي هي، على معنى كون المأخوذ في الوضع هي المعاني بذواتها وحقائقها من غير نظر إلى وجودها في الخارج ولا في الذهن، ذهبوا إليه بزعم أنه يغاير القول الأول، وستعرف منعه.
ومنها: الفرق بين ما له مصداق في الخارج فللخارجية، وما لا مصداق له فيه - كالممتنع والمعدوم ونحوهما - فللذهنية.