وبالجملة، هذا القيد بناء على خروج الضروريات عن الفقه مطلقة أو في الجملة لا يخلو عن فائدة.
وقد يقال: إن فائدة هذا القيد إخراج علم المقلد، والمستفاد من بعض الأعاظم (1) أنه من جملة فوائده، لكن أختلفت عباراتهم في وجهه، ففي بعضها أن علم المقلد مقصور على السماع الذي هو سبب ضروري فلا يشمله ذات الدليل حسبما هو معتبر في الاصطلاح، وفي بعضها أن علمه كعلم المجتهد وإن كان محصلا عن الدليل، غير أن الفرق بينهما أن المجتهد له أنواع من الأدلة وليس للمقلد إلا نوع واحد، فيخرج علمه باعتبار الجمعية المستفادة من " أدلتها ".
وفي بعضها أيضا أن الإضافة في " أدلتها " إذا كانت للعهد و " الأدلة " محمولة على المعهودة التي يستعملها المجتهد كانت مخرجة لعلم المقلد، لعدم كون دليله من جملة هذه الأدلة، وفي جميع هذه الوجوه من الضعف ما لا يخفى.
أما الأول: فلأن السماع سبب ضروري لإفادة تصور معاني الألفاظ الصادرة من المجتهد في مقام الإفتاء - مفردة ومركبة - بل هو عند التحقيق سبب ضروري للعلم بوجود لفظ الفتوى وصدوره عن لافظه، كما هو الحال في سائر المقامات.
وأما استفادة مرادات المجتهد ومعتقداته فمتوقفة على إعمال مقدمات كثيرة، يدفع بها احتمال التجوز والإضمار والتخصيص والتقييد والكذب والخطأ والسهو والنسيان وما أشبه ذلك، نظرا إلى أن اللفظ الصادر من المجتهد كاللفظ الصادر من المعصوم (عليه السلام) له عام وخاص، ومطلق ومقيد، ونص وظاهر، ومجمل ومبين، ومحكم ومتشابه، فيجري فيه جميع ما يجري في كلام المعصوم من الأصول والمقدمات التي يحرز بها المرادات والمعتقدات فيندرج بذلك قول المجتهد في عداد الأدلة بالقياس إلى مقلده على حد اندراج قول المعصوم (عليه السلام) في عدادها بالقياس إلى المجتهد.