[30] قوله: (واعلم أن لبعض العلوم تقدما على بعض، إما لتقدم موضوعه أو لتقدم غايته، أو لاشتماله على مبادئ العلوم المتأخرة... الخ) والمراد " بالتقدم " هنا ما يعم الطبعي والرتبي، لوضوح أن المتقدم بالاشتمال على مبادئ المتأخر لا يكون إلا متقدما بالطبع، كما أن المتقدم بتقدم الموضوع أو الغاية لا ينطبق إلا على المتقدم بالرتبة.
وأما أمثلة الأقسام، فمن القسم الأول علم " أصول الفقه " الباحث عن أحوال أدلة الأحكام من حيث هي أدلتها حسبما تقدم بيانه، بالقياس إلى " الفقه " الباحث عن نفس الأحكام من حيث تعلقها بفعل المكلف مستفادة من الأدلة المفصلة.
ومن القسم الثاني علم الصرف والنحو، الباحث عن أحوال اللفظ العربي من حيث الصحة والاعتلال، ومن حيث صحة التركيب وسقمه، بالقياس إلى علوم البلاغة الباحثة عن أحواله من حيث مطابقته لمقتضى الحال، واشتماله على محسنات المقال.
ومن القسم الثالث، علم النحو أيضا بالقياس إلى علوم البلاغة، ضرورة أن الغرض المطلوب من النحو حفظ اللسان عن الخطأ في البيان، ومن علوم البلاغة الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى بلفظ بليغ، ولا يتأتى ذلك إلا بعد مراعاة أدائه باللفظ الفصيح، الذي لا يتأتى إلا بمراعاة فصاحة الكلام، المعبر عنها بخلوصه عن أمور منها ضعف التأليف المفسر بكون تأليف أجزائه على خلاف القانون المشتهر فيما بين معظم أصحابه، مع فصاحة كلماته، المفسرة بخلوصها عن أمور:
منها: مخالفة القياس المعبر عنها بكون الكلمة على خلاف القانون المستنبط من تتبع مفردات لغة العرب وألفاظهم الموضوعة، كالإعلال في نحو " قام " والإدغام في نحو " مد " وغير ذلك، مما هو مقرر في مظانه.
ثم إن من العلوم ما يتقدم باعتبار الشرف، كما أن منها ما يتقدم في التعليم لنحو من وجوه الاستحسان.
أما الأول: فيختلف الحال فيه بحسب اختلاف الموضوعات والغايات في