الموضوع له العام قط، إذ على مقالتهم يلزم كون المجاز بلا حقيقة الواقع في اللغة في غاية الكثرة، وهو مما أطبق العلماء على خلافه.
السادسة: اللفظ والمعنى ما لم يكن بينهما علقة - وهي اتصال ما حصل بينهما لذاتهما أو للعارض - استحال كون الانتقال إلى اللفظ بمجرد سماعه أو تخييله موجبا للانتقال إلى المعنى، ولما كانت العلقة الذاتية المبنية على المناسبات الطبعية فيما بينهما واضح الفساد - على ما سنقرره - فالمتعين كونها حيثما حصلت عارضية، وهي بحكم الاستقراء التام مقصورة على الوضع كما في الحقائق، والعلاقة كما في المجازات، فإنها وإن كانت تعتبر بين المعنيين المستعمل فيه والموضوع له، إلا أن حصولها بينهما يقضي بحصولها بين اللفظ والمستعمل فيه، ضرورة ان الوضع إذا أوجب علاقة بين اللفظ والموضوع له أوجبها بينه وبين كل خلاف الموضوع له الذي بينه وبين الموضوع له علاقة بحسب المعنى، ولذا عد المجاز من توابع الوضع، وقضية ذلك كون الانتقال من اللفظ إلى الموضوع له أوليا، وإلى خلافه ثانويا لحصوله بواسطة الأول، لكن لا يلزم منه التعدي عن الموضوع له إليه بإثبات الوضع له أيضا لمجرد العلاقة المذكورة، ولا اعتبار كون اللفظ حقيقة فيه أيضا.
فبذلك اندفع ما توهم من لزوم القياس في اللغة، من قولهم: لابد في المجاز من وجود العلاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي وإلا كان اختراعا.
واختلفت كلمتهم في ضبط أنواع العلاقة من حيث العدد، حيث إن بعضهم ردها إلى اثنين، المشابهة وغيرها كما في بعض كتب البيان.
وفي مختصر الحاجبي عد منها أربعة: المشابهة في الشكل أو في الوصف الظاهر، والكون، والأول، والمجاورة.
وعن الآمدي (1) أنها تتصور من وجوه خمسة، وفي شرح المنهاج عد منها تسعة.