المطلب الثالث: قد عرفت بما تقدم من عباراتهم أن الكلي ينقسم عندهم بالمتواطي والمشكك على حذو ما صنعه أهل الميزان، ويوجه التسمية بالأخير بأن السامع بملاحظة تفاوت الأفراد يقع في الشك في أن اللفظ أهو متواط أو مشترك، وقد حدث تقسيم آخر هنا في خصوص التشكيك، وهو تقسيمه إلى البدوي والمضر الإجمالي والمبين العدم، بملاحظة أن الفرد النادر قد يبلغ في الخفاء مرتبة يقطع السامع بالتأمل في إطلاقات اللفظ بدخوله في مدلول اللفظ فيزول شكه، وقد يبلغ مرتبة يستقر شكه في كونه داخلا أو خارجا ولو بعد التأمل، فيضر هذا التشكيك في إطلاق اللفظ ويصيره مجملا بالنسبة إلى الفرد، وقد يبلغ مرتبة يقطع بخروجه عن المدلول فيتبين عنده عدم الدخول.
وقضية ما سبق من كون المراد بالكلي والجزئي ما يجري في اللفظ باعتبار ما يعرض معناه من الوصفين كون المتواطي والمشكك أيضا جاريين على اللفظ باعتبار جريانهما على المعنى، وهو صريح العبارة المتقدمة من المصنف بملاحظة إضافة المعنى إلى ضمير الكلي الذي هو عبارة عن اللفظ، بل المصرح به في عبائر الجماعة المتقدمة، بل كل من تصدى لهذا التقسيم، كما هو المناسب لوضع الفن وطريقة الأصوليين. ويشهد له أيضا ما عرفته من شيوع إطلاق هذين العنوانين على المطلقات في غير هذا الموضع.
لكن ربما يشكل انطباق هذا الإطلاق على مقتضى التقسيم في هذا المقام، بعد ملاحظة ما يجعلونه معيارا للتواطي والتشكيك، فإن كلماتهم هنا مطبقة على إناطة الأمرين بتساوي الأفراد وتفاوتها في صدق المعنى عليها، من حيث الأولية والأولوية والأشدية وأضدادها، ممثلين للمشكك في الجميع بالوجود بالقياس إلى قسميه الواجب والممكن، ولا يلائمه التواطي والتشكيك الواردان في باب المطلقات بحسب بادئ النظر، لكونهما ثمة منوطين بتساوي الأفراد وتفاوتها في صدق اللفظ ودلالته عليها ظهورا وخفاء، مع كون التفاوت على تقديره ناشئا عن غلبة إطلاق اللفظ على بعضها، أو غلبة وجود هذا البعض في الخارج، وهذا