المذكور، إذ قد عرفت أن كلا من الاعتبارات الثلاث مما يبتنى عليه " الفقه " فأخذ أحدها أو الاثنين منهما في المسمى العلمي لا يرفع النقض بالقياس إلى الباقي وإن كان واحدا.
وكيف كان: فالقول بكون " أصول الفقه " باعتبار معناه الإضافي تعريفا له باعتبار معناه العلمي ساقط جدا.
ويبقى الكلام في أمرين يشكل الحال فيهما، ولا بأس بالتعرض لهما وإن خرج عن مقصود المقام، مراعاة لمناسبة التعرض للإشارة إليه هنا:
أحدهما: أن اسم المعنى في موضوع هذه القاعدة إن أريد به ما لم يكن لمسماه حيثية سواء أخذ معه بعض صفاته كالصادق والكاذب، أو لم يؤخذ كالعلم والجهل حسبما فسره السيد في المنية (1) قبالا لاسم العين الذي فسره بما كان لمسماه حيثية اخذ معه بعض صفاته كالقائم والراكب أو لم يؤخذ كالرجل والفرس، انتقض عكس القاعدة بمثل القائم والراكب من المشتقات الداخلة تحتها عندهم، وطردها بالمصادر التي لا تفيد الاختصاص بالمعنى الذي ذكروه كما يشهد به الوجدان.
وصرح به بعضهم كالمحقق الشريف - على ما حكى عنه (2) - كما تعرفه، وإن أريد به المعنى المصطلح عليه عند النحاة وهو: " ما دل على معنى قائم بغيره " أخذ معه ذكر " الغير " أو لا انتقض الطرد بما ذكر، ولذا صار المحقق المتقدم ذكره (3) إلى أن المراد به ما دل على شئ باعتبار معنى وحاصله المشتق وما في معناه، رادا على من فسره بالمعنى المذكور بأنه متناول للمصدر، ولا يدل إضافته على الاختصاص باعتبار المعنى الذي عنى بالمضاف بل باعتبار معنى آخر، فإن إضافة " الدق " - مثلا - إلى " الثوب " لا يفيد الاختصاص باعتبار الدق بل باعتبار التعلق وهو خارج عن مدلوله، بخلاف إضافة " الكاتب " إلى " القاضي " فإنها تفيد الاختصاص باعتبار الكاتبية وهو مما دل عليه المضاف.