التقسيم، فإن الفوائد المترتبة عليها واضحة حتى بالقياس إلى العرفية الخاصة التي من فوائدها المترتبة على معرفة مصاديقها المتفرقة في الفنون المعهودة والعلوم المتداولة تيسر حصول إفادة المطالب العلمية واستفادتها بواسطة الألفاظ المصطلحة فيها.
وأما الحقيقة الشرعية فهي على الضابط المتقدم ذكره، وإن كانت من العرفية الخاصة، غير أن إفرادها عنها بجعلها قسما برأسه لما فيها من الفضل والشرف بالقياس إلى غيرها، أو لانفرادها بوقوع النزاع في ثبوتها وعدمه بخلاف غيرها من أقسام العرفية الخاصة، فإنه لا خلاف على ما في كلام غير واحد في ثبوتها كما هو واضح، وإنكاره مكابرة لا يلتفت إليها، وسنورد بعض ما يتعلق بالحقيقة الشرعية مما يناسب المقام عند التعرض للبحث في إثباتها فعليك بالانتظار.
الثالثة: المجاز ممكن عقلا وواقع لغة وشائع خارجا، حتى أنه في شيوع إمكان المجاز عقلا ووقوعه خارجا الوقوع بلغ إلى ما ادعي كون أغلب اللغة مجازات، وإنكار أبي إسحاق ومتابعيه دفع للبديهة، وأدلتهم المنقولة - مثل أنه مخل بالفهم، وأنه إن أفاد المعنى المجازي مع القرينة لم يكن مجازا من حيث عدم احتمال غيره حينئذ، أو لا معها فيكون حقيقة فيه، أو لا تفيد شيئا مع عدمها فلا تكون حقيقة ولا مجازا، وأن كل معنى مجازي فله لفظ موضوع بإزائه فلا يقع من الحكيم التجاوز من لفظه إلى استعارة غيره لما فيه من التطويل إن ذكر القرينة، وعدم إفادة المقصود إن أخل بها - بأسرها مدخولة.
إمكان الواسطة فيما بين الحقيقة والمجاز وكما أنه واقع في اللغة وارد في الكتاب العزيز بلا شبهة، وإنكار وقوعه فيه - كما عن الظاهرية - لا يلتفت إليه، كما لا يلتفت إلى حججهم المنقولة في ذلك، مثل أن المجاز كذب ولهذا يمكن نفيه، وأن المجاز ركيك والله تعالى منزه عنه، وأنه إنما يصار إليه عند العجز عن الحقيقة، وأنه إنما يفيد مع القرينة. وربما خفيت فيقع المكلف في الجهل وذلك قبيح من الحكيم، وأنه يستلزم كونه متجوزا، وأن كلامه تعالى حق وكل حق فله حقيقة مقابلة المجاز.