لفظ آخر وبين معناه ومعنى هذا اللفظ، ولولا ذلك لم يعقل كونهما معا متكثرين ولم يعقل كون الألفاظ المتبائنة من أنواع هذا التقسيم، ولذا قال في المنية (1):
إن التباين إنما يلحق باللفظ عند نسبته إلى لفظ آخر، ونسبة معناه إلى معناه وتحقق التغاير بينهما، فهو لا يعقل إلا مع تكثر اللفظ والمعنى، انتهى.
وقضية ذلك كون الحيثية معتبرة في جميع أنواع هذا التقسيم، فاللفظ مع معناه إنما يصير من المتبائنة مع ملاحظة نسبتهما إلى لفظ آخر ومعناه، وأما إذا جرد عن هذه الملاحظة فلا جرم كان داخلا في أحد العناوين الأخر، وعليه فيمكن اجتماع هذه العناوين في لفظ واحد باعتبار توارد الحيثيات عليه، وسنورد عليك زيادة بيان في ذلك.
[40] قوله: (فإما أن يمنع نفس تصور المعنى من وقوع الشركة فيه وهو الجزئي، أو لا يمنع وهو الكلي... الخ) ولا يذهب عليك أن الضميرين بملاحظة ما ستعرفه من انعقاد اصطلاحهم في الكلي والجزئي على الألفاظ يعودان إلى اللفظ دون المعنى، وإن احتمله في بادئ النظر بملاحظة سبق الذكر لو قطع النظر عن قرينة ما ذكر، التي يساعدها العطف بلفظه " ثم " في قوله: " ثم إما أن يتساوى معناه في جميع موارده وهو المتواطئ أو يتفاوت وهو المشكك، فإنه بملاحظة إضافة المعنى إلى الضمير العائد إلى الكلي الممتنع وقوعه على المعنى استحالة إضافة الشئ إلى نفسه يوجب القطع بما ذكرناه.
ويرادف العبارة حينئذ عبارة المختصر، فإنه بعد ما أشار إلى الأقسام الأربع المفروضة للفظ والمعنى بقوله: " وللمفرد باعتبار وحدته ووحدة معناه وتعددهما أربعة أقسام " قال: " فالقسم الأول إن اشترك في مفهومه كثيرون فهو الكلي، فإن تفاوتت كالوجود للخالق والمخلوق فمشكك، وإلا فمتواط، وإن لم يشترك