وأما الثاني: فلأن الجمعية هنا ملغاة، كما يفصح عنه إسناد الأكثر خروج علم المقلد إلى قيد " التفصيلية " كيف لا تكون ملغاة ولو فرض اقتصار المجتهد في علمه بجميع الأحكام على نوع واحد من الأدلة كالسنة مثلا - على تقدير كفايتها - كان فقيها وعلمه فقها في الاصطلاح من دون نكير، فالأدلة هنا يراد بها جنس الدليل ليشمل الواحد وما فوقه، فيندرج فيها دليل المقلد أيضا.
وأما الثالث: فلأن عهد الإضافة مرجعه إلى إرادة المعهود المعين الخارجي من المضاف، وهو خلاف ظاهر لا داعي إلى المصير إليه، ومجرد كونه مرادا للمعرف اعتبار لا يفي بحصوله ظاهر اللفظ فلا يكفي، للزوم كون المدخل والمخرج في الحدود ظاهر ألفاظها ولو بمعونة القرينة.
فتحقيق المقام أن يلاحظ أن علم المقلد بالأحكام الشرعية الفرعية هل هو مما يصدق عليه " الفقه " أو لا؟
وعلى الثاني، فهل يقع مشمولا لجنس الحد ليحتاج إلى مخرج أو لا؟ وعلى الأول ينظر في مخرجه، ويتضح الكلام في جميع ذلك إن شاء الله.
[14] قوله: (وخرج بالتفصيلية علم المقلد في المسائل الفقهية، فإنه مأخوذ من دليل إجمالي مطرد في جميع المسائل... الخ) واعلم: أن " الفقه " على ما عرفته سابقا يطلق على معان:
أحدها: المعرفة على الإطلاق، وهو المعنى اللغوي.
وثانيها: ما هو أخص من الأول، وهو معرفة الأحكام الشرعية أصولية وفروعية على طريق الاجتهاد أو التقليد.
وقد شاع إطلاقه عليه في أخبار الأئمة الأطهار (عليهم السلام) على ما قيل، حتى أن التفقه الوارد في الآية بحكم الروايات المفسرة محمول عليه، لكن كونه إطلاقا فيما يغائر المعنى اللغوي في الآية والرواية موضع تأمل، لقوة احتمال كونه من باب إطلاق الكلي.