في الخارج، فالعقل ينظر في طلب ما يميزه عن سائر الأفراد لا محالة، وحينئذ فإما أن يكون ذلك النظر بعد إدراك شئ منه بالحس أو قبله، والثاني باطل وإلا لزم طلب المميز بدون العلم بالقدر الجامع وأنه محال، لما قرر في محله من أن السؤال عما يميز الشئ عن مشاركاته فرع على العلم به إجمالا، وإلى ذلك ينظر ما قيل أيضا عن أن ما لا جنس له لا فصل له.
وعلى الأول، فإما أن يكون المعلوم بالحس هو الخصوصية أو غيرها لا سبيل إلى الأول، وإلا لزم طلب الحاصل لأن العلم بالخصوصية لا ينفك عن العلم بالمميز فتعين الثاني وهو المطلوب، إذ لا واسطة بين الخصوصية والطبيعة الكلية لتكون هي المعلومة بالحس.
لا يقال: لم لا يجوز أن يكون ما فرضته معلوما في ابتداء النظر هو الأمر المنتزع الذي يقول به منكروا وجود الكلي الطبيعي، لأن ذلك مما يبطله دليل الخلف، فإن المفروض أولا كون المعلوم في ابتداء النظر معلوما بالحس، وليس شئ من المنتزع مما يعلم بالحس، بل هو أمر ذهني يعلمه العقل ولا وجود له في الخارج ليندرج في عداد المحسوسات.
وأما القول بعدم الوجود فليس له إلا وجوه واهية:
منها: ما أشار إليه الحاجبي عند الاحتجاج على كون متعلق الأوامر هو الأفراد قائلا: بأن الماهية يستحيل وجودها في الأعيان، لما يلزم من تعددها فيكون كليا جزئيا وهو محال.
ومحصله: على ما قرره شارح كلامه في بيان المختصر: أن الماهية من حيث هي لزمها التعدد أي يلزمها الاشتراك بين كثيرين فيكون كليا، والموجود في الخارج يلزمه التشخص فيكون جزئيا، فلو كانت الماهية موجودة في الخارج يلزم أن يكون كليا جزئيا معا، وهو محال.
ودفعه الشارح: بأن لا نسلم أن الماهية من حيث هي هي يلزمها التعدد، وذلك لأنه لو استلزم الماهية من حيث هي هي التعدد امتنع عروض التشخص لها وليس كذلك، بل الماهية من حيث هي هي لا يقتضي التعدد ولا الوحدة. انتهى.