أحد الأمرين، من انتقاض عكس الحد أو كون لفظ الجنس مستعملا في معنييه الحقيقي والمجازي، وذلك لأن " العلم " المحمول على الملكة إما يعتبر بحيث يختص بالإدراكات اللاحقة، أو بحيث يشمل كلا من اللاحقة والسابقة، والأول يستلزم انتقاض العكس بخروج الإدراكات السابقة، مع أنها من أفراد المحدود، والثاني يتصور على وجهين:
أحدهما: اعتبار شموله لهما بمعنى الملكة.
وثانيهما: اعتبار شموله للإدراكات السابقة، بمعنى الإدراك الجزمي وللإدراكات اللاحقة بمعنى الملكة، والأول خلاف الفرض لعدم كون الإدراكات السابقة ناشئة عن الملكة، كيف ولو صح ذلك لأدى إلى الدور لو فرض كونها ناشئة عن الملكة والمسببة عنها، أو التسلسل لو فرض كونها ناشئة عن ملكة أخرى، والثاني يستلزم استعمال " العلم " في المعنيين الحقيقي والمجازي كما لا يخفى.
[26] قوله: (وأما عن سؤال الظني... الخ) والحق في الجواب عن سؤال ظنية الأحكام أن يقال: أولا، بمنع عدم شمول جنس الحد لظنيات الفقه، بعد ملاحظة حمل " العلم " على الملكة والتهيؤ القريب حسبما مر بيانه في دفع أول الإشكالين (1) إذ لا ريب أن الظان في جميع موارد ظنه له ملكة الاعتقاد الجازم، ولا ينافيه عدم تحقق الجزم له فعلا، لأنه إنما هو من جهة عدم وجود الأدلة العلمية أو لوقوع الاختلال في الأدلة الموجودة، بحيث لولا هاتان الجهتان لكان الجزم متحققا لمجرد ما له من الملكة والقوة القريبة من الفعل، وهذا البيان من الدفع كما ترى مما يغني عن الوجوه الأخر التي يأتي إليها الإشارة.
والعجب عنهم أنهم لم يلتفتوا هنا إلى ذلك مع تعرضهم له في دفع الإشكال الأول وهو يدفع الإشكالين معا، ولعله لأجل أن يندفع هذا الإشكال بوجوه أخر ولو على تقدير عدم استقامة ما ذكروه في دفع الاشكال الأول، أو يندفع ذلك