الوجود فقط دون غيره أو لا يوجبه مطلقا، بل هو في دلالته على أفراد معناه متساوي الصدق والدلالة على الجميع، وإن تفاوتت الأفراد في الكمال وعدمه.
وهذه أقوال أربع مستفادة من كلماتهم وإن لم تذكر مجموعة في موضع، وكلها واردة في المشكك بالمعنى المصطلح عليه، وكلها كما ترى حاصلة بينهم بعد الاتفاق على أن المتواطي من حكمه تساوي دلالته على أفراد معناه، فيكون هذا كلاما في أن المشكك أيضا من حكمه تساوي دلالته على أفراد معناه المختلفة في الكمال وعدمه، أو تفاوت دلالته عليها مطلقا، أو يفصل بإحدى الوجهين، وهذا كما ترى ليس من القول بكون المتواطي والمشكك يلحقان اللفظ باعتبار تساوي وتفاوت دلالته على أفراد معناه.
وإن شئت قلت: إن تساوي الدلالة وتفاوتها حكم من أحكام المتواطي والمشكك، فالتكلم فيهما تكلم في الحكم، لا أنهما جزء من الموضوع، فالقول بأن المتواطي والمشكك عند الأصوليين باعتبار تفاوت الأفراد في الظهور والخفاء، بالنسبة إلى فهمها من اللفظ ودلالته عليها، فما تساوى أفراده ظهورا فمتواط وإلا فمشكك، ليس على ما ينبغي.
المطلب الرابع: أن الكلي قد ينقسم إلى الطبيعي والمنطقي والعقلي، قالوا مفهوم الكلي - أعني ما لا يمتنع فرض صدقه على كثيرين - كلي منطقي، ومعروضه كلي طبيعي، والمجموع من العارض والمعروض كلي عقلي، والظاهر أن المراد بالمعروض والعارض ما يقع موضوعا ومحمولا في قضية قولنا:
" الحيوان كلي " كما هو المصطلح الجاري فيهما عند أهل المعقول.
ومحصل التقسيم أن موضوع هذه القضية المعبر عنه بالجسم النامي الحساس المتحرك بالإرادة، إن اعتبرناه مع قطع النظر عن محمولها العارض له، كما لو اعتبرنا زيدا في قضية قولنا: " زيد عالم " مع قطع النظر عن وصف العالم كلي طبيعي، لكونه من الطبائع وقد يعبر عنه بالماهية من حيث هي هي التي ليست إلا هي، ولا يلتفت إلى مقارنتها بشئ في نفس الأمر وجودا وعدما، ومحمولها الذي