الموصول كناية عن الظن الموصوف بما يصلح علاقة للتجوز، ويحتمل كونه أعم منه بإرادة ما يعم المعنى الحقيقي والظن، لاشتراكهما في الوصف الصالح علاقة.
وربما يحتمل كون وجوب العمل بنفسه مرادا من " العلم " ليكون الفقه عبارة عن وجوب العمل بالأحكام، بناء على فرض مقدمتين، كون المبحوث عنه في المسائل الفقهية وجوب العمل بالأحكام المفصلة، وكون لفظ " الفقه " اسما لنفس المسائل.
والصحيح من هذه الوجوه هو الوجه الأول، ودونه الوجه الثاني، فإن مظنونات الفقيه - التي حصل له العلم بها على أنها مظنونات عن الأدلة التفصيلية، نظرا إلى أن الظن بالشئ يستلزم العلم بكون ذلك الشئ مظنونا، فالظن به ملزوم له، واستناده إلى الأدلة التفصيلية يقضي باستناد لازمه إليها - كما أنها تتصف بكونها أحكاما فعلية فكذلك تتصف بوجوب العمل بها.
غاية الأمر أن هذا الوصف لازم لوصف الفعلية، فيكون التفسير به في الحد دون الفعلية من باب التفسير باللازم، والذي أوجب العدول عنه إلى ما اخترناه من حملها على الفعلية كونه عدولا عن الظاهر إلى خلافه، لما بيناه من ظهور الحكم في الملزوم، وإلا فالفقيه بعد الفراغ عن إثبات كون مظنوناته أحكاما فعلية يجب العمل بها، طالب عند رجوعه إلى الأدلة التفصيلية للعلم بتلك المظنونات على أنها أحكام فعلية يلزمها وجوب العمل بها، غير أن الظاهر من لفظ " الحكم " ما يعتبر فيه الفعلية وإن لزمه وجوب العمل دون ما يعتبر فيه وجوب العمل، وكذلك الداعي إلى العدول عن التزام الإضمار كونه عدولا عما لا يستلزمه، وهو الظاهر إلى خلافه، فإن الظاهر لا يعدل عنه في غير موضع العذر.
وأما الوجه الثاني، فيدفعه: أن الظن مما لا مسوغ له بحسب العرف واللغة، ولو سلم فوجوب العمل غير صالح لكونه علاقة، بناء على أن المعتبر فيها ما يتداوله أهل العرف ولا معرفة لهم بأحكام الشرع ووجوب العمل حكم شرعي، ولو سلم فهو مخرج للقطعيات والشكيات التي لا ينبغي خروجها على ما عرفت.