ولو سلم فالظن الذي يعتبر فيه وجوب العمل لابد وأن يكون حجة، إما بمعنى ما هو ملزوم لصيرورة متعلقه حكما واقعيا فيلزم التصويب، أو حكما فعليا فيستحيل أخذه في الجنس، لأن الظن بهذا الاعتبار مأخوذ في وسط دليل الحكم الفعلي، فلا يعقل كونه مطلوبا من استدلالات المسائل التي هي نتائج هذا الدليل، ضرورة أن الوسط ملزوم للأكبر وملزوم الشئ لا يصلح عارضا له، والمفروض أن جنس الحد لابد وأن ينحل إلى ما يؤخذ في نتائج الفن ويتعلق بالنسب المأخوذة في تلك النتائج، ولو سلم فالتجوز غير لازم الارتكاب بعد إمكان الحقيقة.
أما الوجه الرابع (١): فمرجعه إلى سابقه إن اعتبر الموصول كناية عن الظن، فيدفعه ما تقدم، وإلا فيرجع إلى ما سبق عن المصنف من حمل " العلم " على مطلق الاعتقاد، وإن حصل الفرق بينهما بالاعتبار من جهة تفاوت العلاقة المعتبرة، لأنه على ما سبق مجاز مرسل بعلاقة العموم والخصوص، وعلى ذلك استعارة بعلاقة وجوب العمل، فيرد عليه أكثر ما ورد على سابقه.
وأما الوجه الخامس (٢) فيدفعه:
أولا: منع كون مسمى ألفاظ العلوم نفس المسائل.
وثانيا: منع كون المطلوب بالبحث في المسائل الفرعية وجوب العمل بالمظنون، بل المطلوب هو الحكم الفعلي المستلزم لوجوب العمل.
وتوضيحه: أن الفقيه إذا ظن بملاحظة قوله تعالى: ﴿أقيموا الصلاة﴾ (3) بوجوب الصلاة، ينتظم عنده قياس بتلك الصورة: " الصلاة ما ظننت بوجوبه، وكلما ظننت بوجوبه فهو واجب فعلا " والوجوب المأخوذ في نتيجة هذا القياس حكم فعلي، ووجوب العمل ليس بعينه وإنما هو لازمه شرعا، والمبحوث عنه في الفقه هو الملزوم لا اللازم، فلا وجه لأن يؤخذ جنسه ما هو من قبيل اللازم،