يدفعها: أن الجمع بين الجوابين قد يتصور بنحو الوصف، كأن يقال - مثلا -:
الفقه ملكة، هو الإدراك بجميع الأحكام أو بالعكس، وقد يتصور بنحو العطف، كأن يقال: الفقه ملكة وإدراك بجميع الأحكام، وقد يتصور بنحو الإضافة، كأن يقال:
الفقه ملكة الإدراك بجميع الأحكام، ومحذور الجمع بين المتنافيين إنما يلزم لو قرر الحد على الوجه الأول، كما إنه مع محذور الاستعمال في المعنيين إنما يلزم لو قرر الحد على الوجه الثاني كما لا يخفى.
وأما لو قرر على الوجه الثالث فلا، ضرورة أن ملكة الإدراك مما يمكن حصوله، ويندفع به كل من الإشكالين ولا يلزم الاستعمال في المعنيين، لعدم كون المضاف إليه في هذا المفهوم المركب داخلا في المستعمل فيه.
نعم يلزم على هذا التقدير بالنسبة إلى بعض الأجوبة عن الإشكال الثاني سبك المجاز في المجاز، وهو أن يستعمل اللفظ فيما يناسب مناسب الموضوع له لعلاقة بينه وبين ذلك المناسب، لا لعلاقة بينه وبين نفس الموضوع له، كما لو حمل " العلم " في الجواب عن الإشكال الثاني على الظن أو الاعتقاد الراجح، فإن العلاقة بين الملكة والإدراك الفعلي إنما هي علاقة السببية، وهي إنما تتحقق بالقياس إلى الموضوع له إذا اعتبر " العلم " بمعنى ملكة الاعتقاد الجازم.
وأما إذا اعتبر بمعنى ملكة الاعتقاد الظني أو الاعتقاد الراجح فلا، ضرورة عدم كون الملكة بوصف هذه الإضافة سببا للاعتقاد الجازم وإنما هي سبب للظن، والقدر المشترك بينه وبين الجزم والذي بينه وبين الجزم يحصل العلاقة فهو الظن أو الاعتقاد الراجح، فعند إرادة ملكة أحد هذين من " العلم " لابد من العدول أولا عن الجزم إلى أحدهما لعلاقة المشابهة في الرجحان، أو علاقة العموم والخصوص، ثم العدول عنه إلى الملكة المضافة إليه، لعلاقة السببية، وهو كما ترى محذور آخر يتوجه إلى من اعتبر الظن أو الاعتقاد الراجح في دفع الإشكال الثاني، مضافا إلى ما ورد من الوجوه الواردة على هذين القولين.
ومما يناقش أيضا، أن حمل " العلم " على الملكة مبني على كون ألفاظ العلوم