شئتم وما أردت لونا بعينه، والآن تغيرت المصلحة، والذي تؤمرون به الآن بقرة صفراء، ولما قالوا في الثالث: (ما هي إن البقرة تشابه علينا)؟ أن يقول لهم: المأمور به بقرة صفراء على صفة كانت وبعد ذلك، وقد تغيرت المصلحة، فاذبحوا بقرة لا ذلول تثير الأرض، إلى آخر الصفات، فلما عدل عن ذلك إلى نعت بعد آخر دل على أنه كلها نعوت للبقرة (1) الأولى.
على أنه لو جاز صرف الهاء في قوله: (إنها) إلى الشأن والقصة، - وإن كان المفسرين كلهم قد أجمعوا على خلاف ذلك - فإنهم كلهم قالوا: هي كناية عن البقرة (المتقدم ذكرها) (2)، وقالت المعتزلة بالأسر (3) إنه كناية عن البقرة التي تعلق التكليف المستقبل بذبحها، ولم يقل أحد إنها للقصة والحال، لكان ذلك يفسد من وجه آخر، وهو أنه إذا تقدم ما يجوز أن يكون هذه الكناية راجعة إليه متعلقة به، ولم يجز للقصة والحال ذكر، فالأولى أن تكون متعلقة بما ذكر، وتقدم الأخبار عنه دون ما لا ذكر لها في الكلام.
وإنما استحسنوا (4) الكناية عن الحال والقصة في بعض المواضع، بحيث تدعو الضرورة إليه، ولا يقع اشتباه، ولا يحصل التباس.
وبعد، فإنما يجوز إضمار القصة والشأن بحيث يكون الكلام مع (5) تعلق الكناية بما تعلقت به مفيدا مفهوما، لأن القائل إذا قال: " إنه زيد منطلق "، و " إنها قائمة هند " فتعلقت الكناية بالحال والقصة، أفاد ما ورد من (6) الكلام، وصار كأنه قال: " زيد