الثالثة - والجمهور من العلماء من الصحابة والتابعين يجعلون الأخوات عصبة البنات وإن لم يكن معهن أخ، غير ابن عباس، فإنه كان لا يجعل الأخوات عصبة البنات، وإليه ذهب داود وطائفة، وحجتهم ظاهر قول الله تعالى: " إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك " ولم يورث الأخت إلا إذا لم يكن للميت ولد، قالوا: ومعلوم أن الابنة من الولد، فوجب ألا ترث الأخت مع وجودها. وكان ابن الزبير يقول بقول ابن عباس في هذه المسألة حتى أخبره الأسود بن يزيد: أن معاذا قضى في بنت وأخت فجعل المال بينهما نصفين.
الرابعة - هذه الآية تسمى بآية الصيف، لأنها نزلت في زمن الصيف، قال عمر:
إني والله لا أدع شيئا أهم إلي من أمر الكلالة، وقد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم [عنها] (1) فما أغلظ لي في شئ ما أغلظ لي فيها، حتى طعن بإصبعه في جنبي أو في صدري ثم قال:
(يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي أنزلت في آخر سورة النساء). وعنه رضي الله عنه قال:
ثلاث لان يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهن أحب إلي من الدنيا وما فيها: الكلالة والربا والخلافة، خرجه ابن ماجة في سننه.
الخامسة - طعن بعض الرافضة بقول عمر: (والله لا أدع) الحديث.
السادسة - قوله تعالى: (يبين الله لكم ان تضلوا) قال الكسائي: المعنى يبين الله لكم لئلا تضلوا. قال أبو عبيد، فحدثت الكسائي بحديث رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يدعون أحدكم على ولده أن يوافق من الله إجابة) فاستحسنه.
قال النحاس: والمعنى عند أبي عبيد لئلا يوافق من الله إجابة، وهذا القول عند البصريين خطأ [صراح] (1)، [لأنهم] (2) لا يجيزون إضمار لا، والمعنى عندهم: يبين الله لكم كراهة أن تضلوا، ثم حذف، كما قال: " واسأل القرية " (3) [يوسف: 82] وكذا معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم، أي كراهية أن يوافق من الله إجابة. (والله بكل شئ عليم) تقدم في غير موضع. والله أعلم تمت سورة " النساء " والحمد لله الذي وفق.