أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله " (1) [الزمر: 23] وقال: " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم " وفي (الأنفال) (2) يأتي بيان هذا المعنى إن شاء الله تعالى. وبين الله سبحانه في هذه الآيات أن أشد الكفار تمردا وعتوا وعداوة للمسلمين اليهود، ويضاهيهم المشركون، وبين أن أقربهم مودة النصارى. والله أعلم.
قوله تعالى: " فاكتبنا مع الشاهدين " أي مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين يشهدون بالحق من قوله عز وجل: " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس " (3) [البقرة: 143] عن ابن عباس وابن جريج. وقال الحسن: الذين يشهدون بالايمان. وقال أبو علي: الذين يشهدون بتصديق نبيك وكتابك. ومعنى " فاكتبنا " اجعلنا، فيكون بمنزلة ما قد كتب ودون.
قوله تعالى: وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين (84) قوله تعالى: (وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق) بين استبصارهم في الدين، أي يقولون وما لنا لا نؤمن، أي وما لنا تاركين الايمان. ف " - نؤمن " في موضع نصب على الحال. (ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين) أي مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم بدليل قوله: " أن الأرض يرثها عبادي الصالحون " (4) [الأنبياء: 105] يريد أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي الكلام إضمار أي نطمع أن يدخلنا ربنا الجنة. وقيل: " مع " بمعنى (في) كما تذكر (في) بمعنى (مع) تقول: كنت فيمن لقي الأمير، أي مع من لقي الأمير. والطمع يكون مخففا وغير مخفف، يقال: طمع فيه طمعا وطماعة وطماعية مخفف فهو طمع.
قوله تعالى: فأثابهم الله بما قالوا جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين (85) والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم (86)