أهل الشام. وقال قتادة: نزلت في ناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق مما جاء به عيسى، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم آمنوا به فأثنى الله عليهم.
قوله تعالى: (ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا) واحد " القسيسين " قس وقسيس، قاله قطرب. والقسيس العالم، وأصله من قس إذا تتبع الشئ فطلبه، قال (1) الراجز:
* يصبحن عن قس الأذى غوافلا * وتقسست أصواتهم بالليل تسمعتها. والقس النميمة. والقس أيضا رئيس من رؤساء النصارى في الدين والعلم، وجمعه قسوس، وكذلك القسيس مثل الشر والشرير فالقسيسون هم الذين يتبعون العلماء والعباد. ويقال في جمع قسيس مكسرا: قساوسة (2) أبدل من إحدى السينين واوا وقساوسة أيضا كمهالبة. والأصل قساسسة فأبدلوا إحدى السينات واوا لكثرتها.
ولفظ القسيس إما أن يكون عربيا، وإما أن يكون بلغة الروم ولكن خلطته العرب بكلامهم فصار من لغتهم إذ ليس في الكتاب ما ليس من لغة العرب كما تقدم. وقال أبو بكر الأنباري:
حدثنا أبي حدثنا نصر بن داود حدثنا أبو عبيد، قال: حدثت عن معاوية بن هشام عن نصير الطائي عن الصلت عن حامية بن رباب (3) قال: قلت لسلمان " بأن منهم قسيسين ورهبانا " فقال: دع القسيسين في الصوامع والمحراب أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم " بأن منهم صديقين ورهبانا ". وقال عروة بن الزبير: ضيعت النصارى الإنجيل، وأدخلوا فيه ما ليس منه، وكانوا أربعة نفر الذين غيروه، لوقاس ومرقوس ويحنس ومقبوس (4)، وبقي قسيس على الحق وعلى الاستقامة، فمن كان على دينه وهديه فهو قسيس.
قوله تعالى: (ورهبانا) الرهبان جمع راهب كركبان وراكب. قال النابغة: