يسمى روحا بسبب نفخة جبريل عليه السلام، ويسمى النفخ روحا، لأنه ريح يخرج من الروح.
قال الشاعر - هو ذو الرمة -:
فقلت له أرفعها إليك وأحيها * بروحك (1) وأقتته لها قيتة قدرا وقد ورد أن جبريل نفخ في درع مريم فحملت منه بإذن الله، وعلى هذا يكون " وروح منه " معطوفا على المضمر الذي هو اسم الله في " ألقاها " التقدير: ألقى الله وجبريل الكلمة إلى مريم. وقيل: " روح منه (2) " أي من خلقه، كما قال: " وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه " [الجاثية: 13] أي من خلقه. وقيل: " روح منه " أي رحمة منه، فكان عيسى رحمة من الله لمن أتبعه، ومنه قوله تعالى: " وأيدهم بروح منه " (3) [المجادلة: 22] أي برحمة، وقرئ: " فروح وريحان " (3). وقيل: " وروح منه " وبرهان منه، وكان عيسى برهانا وحجة على قومه صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: (فآمنوا بالله ورسله) أي آمنوا بأن الله إله واحد خالق المسيح ومرسله، وآمنوا برسله ومنهم عيسى فلا تجعلوه إلها. (ولا تقولوا) آلهتنا " ثلاثة " عن الزجاج.
قال ابن عباس: يريد بالتثليث الله تعالى وصاحبته وابنه. وقال الفراء وأبو عبيد: أي لا تقولوا هم ثلاثة، كقوله تعالى: " سيقولون ثلاثة " (4) [الكهف: 22]. [قال] (5) أبو علي: التقدير ولا تقولوا هو ثالث ثلاثة، فحذف المبتدأ والمضاف. والنصارى مع فرقهم مجمعون على التثليث ويقولون: إن الله جوهر واحد وله ثلاثة أقانيم، فيجعلون كل أقنوم إلها ويعنون بالأقانيم الوجود والحياة والعلم، وربما يعبرون عن الأقانيم بالأب والابن وروح القدس، فيعنون بالأب الوجود، وبالروح الحياة، وبالابن المسيح، في كلام لهم فيه تخبط بيانه في أصول الدين. ومحصول كلامهم يئول إلى التمسك بأن عيسى إله بما كان يجريه الله سبحانه وتعالى على يديه من خوارق العادات على حسب دواعيه وإرادته، وقالوا: قد علمنا خروج هذه الأمور عن مقدور البشر، فينبغي أن يكون المقتدر عليها موصوفا بالإلهية، فيقال لهم: لو كان ذلك من مقدوراته وكان مستقلا به