صغت قلوبكما " (1) [التحريم: 4]، ولهذا قال: " فاقطعوا أيديهما " ولم يقل يديهما. والمراد فاقطعوا يمينا من هذا ويمينا من هذا. ويجوز في اللغة، فاقطعوا يديهما وهو الأصل، وقد قال الشاعر (2) فجمع بين اللغتين:
ومهمهين قذفين مرتين * ظهراهما مثل ظهور الترسين وقيل: فعل هذا لأنه لا يشكل. وقال سيبويه: إذا كان مفردا قد يجمع إذا أردت به التثنية، وحكي عن العرب، وضعا رحالهما. ويريد [به] (3) رحلي راحلتيهما، قال ابن العربي:
وهذا بناء على أن اليمين وحدها هي التي تقطع وليس كذلك، بل تقطع الأيدي والأرجل، فيعود قوله " أيديهما " (4) إلى أربعة وهي جمع في الاثنين، وهما تثنية فيأتي الكلام على فصاحته، ولو قال: فاقطعوا أيديهم لكان وجها، لان السارق والسارقة لم يرد بهما شخصين خاصة، وإنما هما اسما جنس يعمان ما لا يحصى.
الخامسة والعشرون - قوله تعالى: (جزاء بما كسبا) مفعول من أجله، وإن شئت كان مصدرا وكذا (نكالا من الله) يقال: نكلت به إذا فعلت به ما يوجب أن ينكل به عن ذلك الفعل. (والله عزيز) لا يغالب (حكيم) فيما يفعله، وقد تقدم.
السادسة والعشرون - قوله تعالى: " فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح " شرط، وجوابه " فإن الله يتوب عليه ". ومعنى " من بعد ظلمه " من بعد السرقة، فإن الله يتجاوز عنه.
والقطع لا يسقط بالتوبة. وقال عطاء وجماعة: يسقط بالتوبة قبل القدرة على السارق. وقاله بعض الشافعية وعزاه إلى الشافعي قولا. وتعلقوا بقول الله تعالى: " إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم " وذلك استثناء من الوجوب، فوجب حمل جميع الحدود عليه. وقال علماؤنا:
هذا بعينه دليلنا، لان الله سبحانه وتعالى لما ذكر حد المحارب قال: " إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم " وعطف عليه حد السارق وقال فيه: " فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه " فلو كان مثله في الحكم ما غاير الحكم بينهما. قال ابن العربي: ويا معشر