وقيل: إن ذلك مجاز من وجه آخر، وذلك أنه إذا ضري بسرقة القليل سرق الكثير فقطعت يده. وأحسن من هذا ما قاله الأعمش وذكره البخاري في آخر الحديث كالتفسير قال:
كانوا يرون أنه بيض الحديد، والحبل كانوا يرون أنه منها ما يساوي دراهم.
قلت: كحبال السفينة وشبه ذلك. والله أعلم.
الثانية - اتفق جمهور الناس على أن القطع لا يكون إلا على من أخرج من حرز ما يجب فيه القطع. وقال الحسن بن أبي الحسن: إذا جمع الثياب في البيت قطع. وقال الحسن بن أبي الحسن أيضا في قول آخر مثل قول سائر أهل العلم فصار اتفاقا صحيحا. والحمد لله.
الثالثة - الحزر هو ما نصب عادة لحفظ أموال الناس، وهو يختلف في كل شئ بحسب حاله على ما يأتي بيانه. قال ابن المنذر: ليس في هذا الباب خبر ثابت لا مقال فيه لأهل العلم، وإنما ذلك كالاجماع من أهل العلم. وحكي عن الحسن وأهل الظاهر أنهم لم يشترطوا الحرز. وفي الموطأ لمالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا قطع في ثمر معلق (1) ولا في حريسة جبل فإذا أواه المراح أو الجرين فالقطع فيما بلغ ثمن المجن) قال أبو عمر: هذا حديث يتصل معناه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره، وعبد الله هذا ثقة عند الجميع، وكان أحمد يثني عليه.
وعن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الثمر المعلق فقال:
(من أصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خبنة (2) فلا شئ عليه ومن خرج بشئ منه فعليه القطع ومن سرق دون ذلك فعليه غرامة مثليه والعقوبة) وفي رواية (وجلدات نكال) بدل (والعقوبة). قال العلماء: ثم نسخ الجلد وجعل مكانه القطع. قال أبو عمر: قوله (غرامة مثليه) منسوخ لا أعلم أحد من الفقهاء قال به إلا ما جاء عن عمر في دقيق حاطب ابن أبي بلتعة، خرج مالك، ورواية عن أحمد بن حنبل. والذي عليه الناس في الغرم بالمثل،