وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير أنه قرأ: " فافرق " بكسر الراء.
قوله تعالى: " قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض " استجاب الله دعاءه وعاقبهم في التيه أربعين سنة. وأصل التيه في اللغة الحيرة، يقال منه: تاه يتيه تيها وتوها إذا تحير. وتيهته وتوهته بالياء والواو، والياء أكثر. والأرض التيهاء التي لا يهتدى فيها، وأرض تيه وتيهاء ومنها قال: (1) * تيه أتاويه على السقاط * وقال آخر:
بتيهاء قفر والمطي كأنها * قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها فكانوا يسيرون في فراسخ قليلة - قيل: في قدر ستة فراسخ - يومهم وليلتهم فيصبحون حيث أمسوا ويمسون حيث أصبحوا، فكانوا سيارة لا قرار لهم. واختلف هل كان معهم موسى وهرون؟ فقيل: لا، لان التيه عقوبة، وكانت سنو (2) التيه بعدد أيام العجل، فقوبلوا على كل يوم سنة، وقد قال: " فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين ". وقيل: كانا معهم لكن سهل الله الامر عليهما كما جعل النار بردا وسلاما على إبراهيم. ومعنى " محرمة " أي أنهم ممنوعون من دخولها، كما يقال: حرم الله وجهك على النار، وحرمت عليك دخول الدار، فهو تحريم منع لا تحريم شرع، عن أكثر أهل التفسير، كما قال الشاعر:
جالت لتصرعني فقلت لها اقصري * إني امرؤ صرعي عليك حرام أي أنا فارس فلا يمكنك صرعى. وقال أبو علي: يجوز أن يكون تحريم تعبد. ويقال:
كيف يجوز على جماعة كثيرة (3) من العقلاء أن يسيروا في فراسخ يسيرة فلا يهتدوا للخروج منها؟
فالجواب - قال أبو علي: قد يكون ذلك بأن يحول الله الأرض التي هم عليها إذا ناموا فيردهم