كل واحد منهم نفسه وأهله وماله. وقال قتادة: إنما قال: " وجعلكم ملوكا " لأنا كنا نتحدث أنهم أول من خدم من بني آدم. قال ابن عطية: وهذا ضعيف، لان القبط قد كانوا يستخدمون بني إسرائيل، وظاهر أمر بني آدم أن بعضهم كان يسخر بعضا مذ تناسلوا وكثروا، وإنما اختلفت الأمم في معنى التمليك فقط. وقيل: جعلكم ذوي منازل لا يدخل عليكم إلا بإذن، روي معناه عن جماعة من أهل العلم. قال ابن عباس: إن الرجل إذا لم يدخل أحد بيته إلا بإذنه فهو ملك. وعن الحسن أيضا وزيد بن أسلم أن من كانت له دار وزوجة وخادم فهو ملك، وهو قول عبد الله بن عمرو كما في صحيح مسلم عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص وسأله رجل فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين؟
فقال له عبد الله: ألك امرأة تأوي إليها؟ قال: نعم. قال: ألك منزل تسكنه؟ قال: نعم.
قال: فأنت من الأغنياء. قال: فإن لي خادما. قال: فأنت من الملوك. قال ابن العربي:
وفائدة هذا أن الرجل إذا وجبت عليه كفارة وملك دارا وخادما باعهما في الكفارة ولم يجز له الصيام، لأنه قادر على الرقبة والملوك لا يكفرون بالصيام، ولا يوصفون بالعجز عن الاعتاق. وقال ابن عباس ومجاهد: جعلهم ملوكا بالمن والسلوى والحجر (1) والغمام، أي هم مخدومون كالملوك. وعن ابن عباس أيضا يعني الخادم والمنزل، وقاله مجاهد وعكرمة والحكم بن عيينة، وزادوا الزوجة، وكذا قال زيد بن أسلم إلا أنه قال فيما يعلم - عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان له بيت - أو قال منزل - يأوي إليه وزوجة وخادم يخدمه فهو ملك، ذكره النحاس. ويقال: من استغنى عن غيره فهو ملك، وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم: (من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه وله قوت يومه فكأنما جيزت له الدنيا بحذافيرها).
قوله تعالى: (وآتاكم) أي أعطاكم (ما لم يؤت أحدا من العالمين). والخطاب من موسى لقومه في قول جمهور المفسرين، وهو وجه الكلام. مجاهد: والمراد بالايتاء المن