إبراهيم إباحة تأخير الختان إلى وقت الكبر وفي شريعة إسرائيل جواز الجمع بين الأختين، وكل ذلك مخالف لشرع موسى عليه السلام.
وقولهم " إن ذلك يؤدي إلى كون الشئ حسنا قبيحا " ليس بصحيح، لأنه إنما يقتضي مثل الحسن قبيحا ولا يمتنع في المثلين ذلك، وذلك أكثر من أن يحصى.
وأما من أجاز النسخ عقلا ومنع منه سمعا فالكلام عليه من وجهين:
أحدهما - أن نقول: ما الذي يدل على صحة هذه الدعوى وأن موسى عليه السلام قال شريعتي لا تنسخ، فإن رجعوا إلى نقلهم الذي هو خبر الآحاد فإن ذلك لا يقبل فيه خبر واحد، وإن ادعوا التواتر فالتواتر يوجب العلم الضروري فكان ينبغي أن نعلم مع اختلاطنا بهم أن موسى عليه السلام قال ذلك، كما أنا لما نقلنا عن نبينا عليه السلام أن شريعته لا تنسخ علم ذلك المخالف والموافق، فإن اليهود لا يدفعون أن من دين محمد أن شرعه لا ينسخ وإنما خالفوا في صدق قوله.
على إنه ذكر الشيوخ أن نقل اليهود غير متصل بموسى، لأنهم انقرضوا وقتلهم بخت نصر حتى لم يبق منهم إلا نفر لا يقطع بنقلهم العدد ولا يؤمن عليهم الكذب. ولو سلمنا أن موسى عليه السلام قال شريعتي لا تنسخ لا بد أن يكون ذلك مشروطا إذا لم تعتبر المصلحة أو ينسخها من ثبتت نبوته، وأما مع تغير المصلحة وثبوت نبوته فهي صادقة فلا بد من نسخها.
والطريقة الثانية - أن يدل على نبوة نبينا عليه السلام، فإذا ثبتت نبوته علمنا بطلان دعواهم أن موسى قال شرعي لا ينسخ، لأنه لو كان صحيحا لما ثبتت نبوة من ينسخها.
فإن قيل: لم صرتم بأن تدلوا على نبوة نبيكم فيعلموا بطلان دعوانا فأولى منا إذا دللنا على صحة خبرنا فيعلم بطلان دعواكم في صحة نبوة نبيكم.