وذلك يكون مع التخير في الأفعال.
وإذا ثبت ذلك في المثاب وجب مثله في المعاقب، لأن أحدا لا يفرق بينهما. على أن الله تعالى أخبر بأنهم يأكلون ويشربون ويفعلون، فأضاف الفعل إليهم، وذلك يوجب اختيارهم. وقال " وفاكهة مما يتخيرون " 1)، وذلك صريح بما قلناه.
فإذا ثبت أنهم مخيرون ولم يجز أن يكونوا مكلفين لما مضى فيهم، فهم ملجأون إلى ترك القبيح، بأن يخلق الله فيهم العلم بأنهم متى راموا القبيح منعوا منه.
ويمكن أن يقع الالجاء بأن يعلمهم الله بأنهم مستغنون بالحسن عن القبيح فلا يكون لهم داع له إلى فعل القبيح ملجأ، وذلك أن الالجاء لا يجوز إلا على من يجوز عليه المنافع والمضار، وإذا لم يجز على القديم لم يصح فيه معنى الالجاء.
فصل (في الإيمان والأحكام) الإيمان هو التصديق بالقلب، ولا اعتبار بما يجري على اللسان، وكل من كان عارفا بالله وبنبيه وبكل ما أوجب الله عليه معرفته مقرا بذلك مصدقا به فهو مؤمن.
والكفر نقيض ذلك، وهو الجحود بالقلب دون اللسان مما أوجب الله تعالى عليه المعرفة به، ويعلم بدليل شرعي أنه يستحق العقاب الدائم الكثير.
وفي المرجئة من قال: الإيمان هو التصديق باللسان خاصة وكذلك الكفر هو الجحود باللسان، والفسق هو كل ما خرج به عن طاعة الله تعالى إلى