ينفع مع ذلك الحرب لو غلبوا فكيف وهم كانوا أكثر الأوقات مغلوبين مقتولين مغلوبين وكان يجب مع هذا أن يقدموا المعارضة فإن أنجعت وإلا عدلوا إلى الحرب أو كان يجب أن يجمع بينهما فيكون أبلغ وأنجع، وفي عدولهم عنها دليل على أنهم كانوا عاجزين.
وليس لهم أيضا أن يدعوا أنهم التبس عليهم الحال فلم يعرفوا ما أراد بالتحدي من المعارضة بالمثلية، وذلك أنه لو كان كذلك لاستفهموه وقالوا له ما الذي تريد بذلك، فكيف وهم كانوا عارفين في تحدي بعضهم بعضا بالشعر والخطب وكيف التبس عليهم الأمر ههنا.
فإن قالوا: خافوا أن يلتبس الأمر فيظن قوم أنه ليس مثله. قيل: هذا هو المطلوب لن يختلف العقلاء فيه وطائفة يقولون إنه مثله وطائفة يقولون إنه ليس مثله، فيحصل الخلاف وتقع الشبهة، وذلك أولى من ترك المعارضة التي تقوى معها الشبهة بالعجز.
وليس لهم أن يقولوا: إنه لم تتوفر دواعيهم إلى ذلك. وذلك أن هذا باطل، وكيف لم تتوفر دواعيهم وهم تكلفوا من المشاق العظيمة من القتال وإنفاق الأموال ما هو معروف، والعاقل لا يتكلف ذلك فيما لا تتوفر دواعيه إلى إبطاله.
فإن قالوا: إنما لم يعارضوه لأن في كلامهم ما هو مثله أو مقارنة. قلنا:
هذا غير مسلم، ولو سلم لما يقع، لأن التحدي إنما وقع لعجزهم عن معارضته في المستقبل لا بأنه ليس في كلامهم مثله، ولو كان في كلامهم مثله لكان ترك المعارضة في المستقبل أبلغ وأعظم في باب العجز.
فإن قيل: واطأه قوم من الفصحاء. قيل: هذا باطل، لأنه كان ينبغي أن يعارضه من لم يواطئه، فإنهم وإن كانوا أدون منهم في الفصاحة كانوا يقدرون